رواية : توبة




تـــــوبــــة


في الخامسة فجرا ً .. تخرج الممرضة من غرفه الولادة لتبشرهم
-        مبروك يا جماعه جالكم بنوته زي القمر ..
هنا يهدأ يوسف .. ويحمد الله علي هذه النعمة التي من الله عليه بها .. فتقترب منه أمه  ..
- مبروك يا حبيبي بقيت أب
- الله يبارك فيكي انتي كمان يا حبيبتي بقيتي تيتا اهوة
-  اه يا اخويا .. خليتوني عجزت وانا لسه في عز شبابي  ..   قولي يا يوسف هتسموها ايه .. ؟
- (( توبة ))
- الله .. اسم جميل اوي  .. تتربى في عزك ان شاء الله يا ابني
- انا قلقان اوي علي مروة يا ماما .. اصلها جبانه ..
-  ما تخافش يا حبيبي .. ان شاء الله هتبقي كويسه .. يا واد ده انا جبتك في البيت ولا مستشفي  ولا غيره .. الله يرحمه ابوك كان راجع من شغله لقاهم بيقولوله مبروك يا ابو محمد مراتك جابت " ولد " ساعتها كان هيطير من الفرحه وقال يسميك " يوسف " علي اسم جدك الله يرحمه
-الله يرحمهم الاتنين .. كان نفسي ابويا يكون معايا اوي .. وحشني اوي

*****    *****    ***** 
في إحدى صالونات " الكوافير " كانت فتاتين تتغامزن علي زميله لهم لم يمر علي وجودها أكثر من أسبوع .. ولكنها دائما ً لا تتحدث مع زميلاتها مما جعلهم يشعروا بـ أنها شخصيه متكبرة .. فنحن دائما ً هكذا لا يفسر صمتنا سوى بالتكبر .. برغم ان اغلب صمتنا خجل .. !
وإذا ما دخل علينا شخص جديد في العمل و وجدناه يأخذ اهتمام المدير فـ كعادات أعيننا تكره أن ترى من هم أفضل منا .. نسعى دون أن نشعر لتشويه صورته .. والكل سينفي ذلك .. ولكنه اغلبنا سيفعل ذلك دون أن يشعر .. لأننا بشر .. والبشر من طبعهم يعشقون المدح فقط لـ أنفسهم .. !
ربع قرن هو عمر تلك الشابة الجديدة التي تسمى " سماح " ويحمل وجهها كل أنواع الجمال .. وأثناء تصفيفها لشعر أحدى السيدات يدخل صاحب الكوافير " نبيل عفيفي " رجل في أواخر الثلاثينات من عمره وبرغم ذلك اعزب .. وفور وصوله تترك كل الفتيات عملها وتهرول نحوه لتلقي عليه التحيه .. وبعض كلمات المجاملة اللطيفة كما قالت الأولي
 -حضرتك اخر شياكه انهارده يا مستر نبيل .. 
ولم يكن رده عليها سوى بـ ابتسامه خفيفة
اما الثانيه فكانت أكثر جرأه وصوتها كان اعلي فمددت اليه يداها لتصافحه وأثناء المصافحة قالت له
-والله يا مستر نبيل .. أنا أول ما شميت البرفان الجامد ده .. قولتلهم يا بنات علي فكره مستر نبيل شكله في الطريق .. أصل الريحه كانت سابقه حضرتك ..
هنا ضحك نبيل .. وضحكت الفتيات مجامله لضحكه .. في الوقت الذي كانت تنظر السيدات جميعا ً تجاه هذا الشخص .. وبالضبط هذا ما كان يريده ... ان يلفت انتباه زبائنه إليه بـ انه شخص مميز .. ويرى نظرات الإعجاب التي تملأ أعينهم تجاهه .. فالنساء دائما ً ما يعشقن الرجل المميز
وكعادته صاح بهم ...
-يلا يا بنات بقي كل واحده علي شغلها ... ما ينفعش كده ... !
ولكن أثناء كل ذلك .. كانت هناك واحده .. لم تتحرك من مكانها .. ولم تعطي له أي أهميه .. وكأنه لم يأتي .. ذهبت كل الفتيات تجاهه .. في الوقت الذي ظلت هي في مكانها .. !
*****    *****    ***** 
يدخل يوسف علي زوجته مروه .. التي تبدو في نصف وعيها .. فيمسك بيدها اليسرى ويقبلها ... هنا تحرك رأسها في اتجاهه ببطء شديد ..
-شفت البنت يا يوسف
-اه يا حبيبتي زي القمر تشبهلك ..
- هتسميها ايه ... ؟
- ( توبة ) ان شاء الله .. زي ما قولتلك لو بنت توبة لو ولد حمزة
- جميل اسم توبة  .. ماما فين ؟
- مامتك يا ستي لسه في الطريق جايه .. وحماتك مع الاستاذه توبة .. !
- حبيبتي يا خالتي .. للدرجة دي فرحانة ببنتك .. ؟
- لا وانتي الصادق هي خايفه لتتبدل .. ! بتقولي انا ما أضمنش المستشفيات دي .. أخاف يبدلوا البت بعيله ضعيفه ولا يبدلوهالك بعيله سودة وحشه .. !
هنا تضحك مروه .. فيبدو عليها الوجع ..
-حرام عليك مش قادره اضحك .. !
-خلاص يا حبيبتي انا سكت اهوه
هنا تدخل أم يوسف ......
-حبيبتي الف سلامه .. البنت يا مروه ايه زي القمر ربنا يحميها .. العيال جوه في الحضانات كلهم وحشين .. بس هي ما شاء الله عليها في وسطهم زي القمر ... !
( هنا يرد يوسف ساخرا ً )
-طيب وانتي يا ماما سبتيها كده وجيتي .. مش خايفه لتتبدل .. ؟
-لا يا واد ماهم حطوا في ايدها " حظاظه " كده مكتوب عليها اسمها
هنا يضحكوا الثلاثه .. وتتوجع من الضحك مره اخرى مروة
-يا خالتي لو سمحتى خرجي ابنك ده بره .. قولتله مش قادره اضحك .. وهو مفيش فايده كل شوية يضحكني ... !
هنا يفتح باب الغرفة .. وتدخل أسره مروة .. أمها وشقيقتيها الأصغر " مني"  و " إيمان " ... !

*****    *****    ***** 
هنا تقترب إحدى العاملات من سماح .. وتهمس في أذنيها ..
- هو انتي ليه ما روحتش سلمتي علي مستر نبيل زي باقي البنات ..؟
- اصل الصراحه انا مش واخده عليه .. هروح ااقوله ايه .. ازيك كده ؟
- وايه المشكله في كده يعني .. ده راجل صاحب مكان .. !
- مش عارفة بصراحه ... بتكسف .. !
- دايما ً اللي بتسلم عليه وبترحب بيه كده وهو ماشي بيروح مناولها بـ الـ 100 جنيه ويمكن أكتر يا خايبه .. !
- يا ستي الله الغني .. !
هنا يجلس " مستر نبيل " كما ينادونه في غرفه داخل الكوافير بها مكتب له وينادي علي رباب أقدم العاملات وأكبرهم سنا ً ..
- ها يا رباب .. أخبار الشغل ايه .. ؟
- كل تمام يا مستر .. الحمد لله
- والبنات عاملين ايه معاكي .. !
- كلهم تمام زي الفل ..
- عايزك تدلعيهم دلوقت اللي عايزة اجازة اديها .. علشان الشهر اللي جاي هيبقي في ضغط " اجازة الصيف " والافراح هتكتر .. واديكي شايفه المستويات اللي بتجيلنا عامله ازاي الحمد لله يوم عن يوم بتبدأ تجيلنا فنانات مشهورة .. وده بيعمل سمعه كويسه للمكان .. مش عايزكم تريحوا الشهر اللي جاي ... عايز كله يشتغل بـ ايده واسنانه .. !
- أكيد طبعا ً كلامك كله صح يا مستر .. !
- ماشي اتفضلي انتي دلوقت .. وعايز اشرب كوبايه شاي حلوة من ايدك يا رباب لو ما عندكيش مانع يعني .. !
- عيني يا مستر ... بس كده انت تؤمر ..
هنا يخرج من جيبه ورقه بـ مائتي جنيه ويضعها في يد رباب ..
- خلاص يا مستر .. خير سابقك .. !
- امسكي يا رباب .. انتي عارفه ان المكان بتاعك اصلا ً .. وانتي تستاهلي كل خير .. ومش عارف أكافئك ازاي اصلا ً .. !
- لا والله يا مستر .. انا اللي باخد حقي واكتر من حقي كمان طول عمرك كريم .. !
وتهم علي الانصراف ... وأثناء خروجها من المكتب ينادي عليها ..
- نعم يا مستر ..
- مين البنت الجديده اللي برا دي ... ؟
- بنت بقالها اسبوع بس معانا اسمها سماح ..
- ومالها " ضاربه بوز " كده ليه .. ؟
- والله انا سيباها تحت التجربه .. وهشوف .. بس هي مبدئيا ً بتتعلم بسرعه وكويسه وفي حالها .. !
- طيب حاولي تبعتيلي الشاي معاها .. علي ما اشوف حكايتها ايه .. انا ما بحبش الكآبه في أم المحل .. الزبونة هتشوف شكل امها ده .. هتخرج من المحل مش رجعاه تاني ... !
- خلاص هعمل الشاي واخليها تجبهولك ..
- ماشي .. أتفضلي انتي يا رباب ..

*****    *****    ***** 
هنا تجتمع الأسرة حول مروه في فرحه بمولدتها الجديدة .. فتقول لها الأم
-        بابا يا حبيبتي كان هيتجنن عليكي في التليفون .. ولما قولتله انك جبتي بنت .. قال يعني مكنتش قادره تستني اسبوع .. !
هنا تبتسم مروه .. ابتسامه خفيفة
- حبيبي بابا ده .. بس هو كان بـ إيدي يعني .. هو خلاص حجز يا ماما ولا لسه .. ؟
- آه حجز علي مطار القاهرة إن شاء الله .. وبيقول هجيب للكتكوته الجديده شوية لبس من " قطر " إنما ايه حكايه ..
- كويس علشان يحضر السبوع بتاع " توبة "
هنا تدخل الممرضه لتطمئن علي صحه " مروة " فيسألها يوسف
- هي تقدر تخرج امتي .. ؟
- انهارده ان شاء الله هتخرج معاكم
هنا يبتسم يوسف وينظر لـ " مروة " نظره يبعث من خلالها السكينة إلي قلبها  .. من ثم يغادر الغرفة ليطمئن علي أبنته .. وأثناء نظره إليه خانته عيناه بدمعتين سقطت .. هو لا يعرف لم سقطت الدمعتين .. ولكنه يعرف كيف كانت حياته قبل الزواج .. يعرف انه اليوم أصبح أب مسئول عن كيان وعن أسرة .. هو لا يدري عن تلك الدموع أهي دموع السعادة بتلك المولودة التي سميت بنيته " توبة " إلي الله علي أفعاله .. هو تزوج مروه برغم حبه لـ أنثي غيرها .. ولكنها كانت هي الأنسب .. ولسبب ما هو لا يدري ما هو أصبح يحبها ربما حنانها عليه .. وحرصها علي ألا تغضبه .. كل محاولاته لإسعاده جعلته يشعر بأنها لا تستحق منه الخيانة .. وذلك الملاك البريء لا يستحق أن يرى أباه خائنا ً .. فـ إن تزوج " مروة " لأنها أبنه خالته .. فهو عليه أن يصون تلك العلاقة لأنها أم لأبنته .. هنا قال لها أعاهد الله يا ابنتي أمامك أن أصبح أبا ً صالحا ً .. !

*****    *****    ***** 
في الوقت ذاته تجلس الأختين أم مروه وأم يوسف يتحدثان وتنشغل معهم بالحديث مني .. فتقترب إيمان من رأس " مروه " وتهمس بهدوء
- اسكتي يا مروه انا بتصل بيوسف جوزك وبقوله مروه عامله إيه كانت أعصابه بايظه خالص .. وكأنه كان بيعيط .. وراح قايلي جوه اهيه أدعولها .. يارب تقوم بالسلامه
- امال لو شفتي شكله اول ما دخل عليه الاوضه .. حسيته فعلا كان مرعوب عليا ..
هنا تنظر أم مروه في اتجاه إيمان .. وتركز النظر ..
- أرحمي أختك يا إيمان هي مش حمل رغيك .. لسه اختك تعبانه يا ماما
- انا هقعد وهحط ايدي علي " بوقي " احسن زي العيال اللي في المدرسة ثم ما انتي وخالتي نازلين كلام كـلام وصوتكم عالي .. مش تراعوا انكم في مستشفي برضوا .. ؟
- اخس عليكي قليله أدب بصحيح .. !
هنا يدخل يوسف ...
-        في ايه بس يا جماعه مال صوتكم عالي ليه كده ... علي فكره انا كلمت الدكتورة .. وقالتلي خلاص تقدروا تجهزوا نفسكم في خلال نص ساعة إن شاء الله تكونوا خارجين .. !

*****    *****    ***** 
هنا تنادي " رباب " علي سماح ...
-        لو سمحتى يا سماح ياريت تدخلي الشاي لمستر نبيل
تنظر سماح ولسان حالها .. لماذا تنادي علي أنا وهي اقرب للمكتب مني .. ولكن سرعان ما وجدت الإجابة .. بالطبع هو يريدها هي .. فطرقت علي الباب مرتين ودخلت بعدما سمح لها بالدخول .. فوجدته مختلفا ً تماماً أكثر جديه وحده وكأن شيء ما يغضبه .. فوضعت الشاي أمامه علي المكتب وهمست ُ بصوت منخفض الشاي يا مستر .. ولكنه كان منشغلا ً بالحاسوب الذي يجلس أمامه .. أو ربما يحاول منح نفسه بعض الأهمية أمامها .. هكذا دائما ً أغلب أصحاب العمل .. وكأنهم يقفون أمام عدسات الكأميرا في تصوير مشهد سخيف من مسلسلهم المعتاد " أنا مشغول " وعندما منحته ظهرها وحاولت الخروج نادى عليها ..
-        انتي جيتي رميتي كوبايه الشاي علي المكتب كده وخرجتي .. !
-        لا والله انا قلت اتفضل يا مستر بس حضرتك كنت مشغول ما سمعتنيش .. !
-        طيب وافرضي يا ستي ما سمعتكيش مش تسمعيني .. ولا تسبيني وتمشي .. ؟
-        انا أسفه ... !
وفي عرف العمل المتعارف عليه في مصر القانون الأول هو " دائما ً صاحب العمل علي حق ... " هو الإله في هذا المكان لطالما ً هو من يمنحك المرتب الشهري إذا هو لا يخطأ أبدا ً .. ! عليك دائما ً أن تتعلم هذا وإلا عليك البحث عن عمل آخر .. !
-        انتي اسمك ايه ... ؟
-        سماح .. اسمي سماح
-        ومنين يا سماح .. ؟
-        من شبرا .. !
-        طيب يا ستي من شبرا .. يعني أجدع ناس .. امال انا ليه مش حاسك من شبرا .. البنات بتاعه شبرا بحسها جريئه كده ومدردحه .. لكن انتي زي الفرخه " الكمشانه " ليه كده .. ؟
( هنا ابتسمت عندما سمعت كمشانه )
-        لا والله خالص .. !
-        بصي نصيحه اخويه بجد يا سماح .. حاولي ترمي ورا ظهرك .. لو مش مبسوطه أبتسمي واضحكي بالعافيه مره في مره هتلاقي الضحكه اتعودت عليكي .. كل واحد فيه اللي مكفيه .. بس الزبونه اللي جايه تعمل شعرها من حقها تشوف ابتسامتك الجميله ..صح ولا غلط  ... ؟
-        صح يا مستر
-        طيب بذمتك انتي لو رحتى تشتري بلوزة من عند بياع " إتم " وتسأليه يرد برخامه .. هتشتري منه .. ؟
-        أكيد لأ ..
-        لكن لو بياع مبتسم كده وعمال يضحك .. وانتي رايحه تشتري حاجه من عنده .. بتبقي رايحه تجيبي بلوزة بس  تلاقي نفسك اشتريتي بلوزتين وبنطلونين .. ليه .. ؟ لأنه عرف يجذبك ليه ... دايما ً الابتسامه هي اللي بتجذب الناس لينا عموما حتى في حياتنا بعيدا ً عن الشغل ... !
( هنا تبتسم أبتسامه بها نوع من المجاملة )
-        حاضر يا مستر
-        يلا اتفضلي علي شغلك .. !

*****    *****    ***** 
-         بجد مش متخيل نخرج من البيت اتنين ونرجع ثلاثه احساس جميل اوي
-         ربنا يخليهالك يا حبيبي وتتربى في عزك .. صحيح بابا جاي الاسبوع اللي جاي ان شاء الله .. هتبقي فاضي تروح تجيبه من المطار بعربيتك يا يوسف ولا مش هتكون فاضي .. ؟
-  لا طبعا ً فاضي ولو مش فاضي يعني افضي نفسي ..
- ربنا يخليك يا حبيبي ..
- عايزينك بقي تشتري شوية سبوع حلوين لـ " توبة " كده
- المهندس ابراهيم لما عرف قاللي هيعدي عليه بكره ونروح انا وهو نجيب السبوع سوا ان شاء الله
- والله الراجل ده ذوق اوي ..
- جدا ً فوق ما تتخيلي ..
هنا يذهب إلي السرير ويتأمل ملامح ابنته .. يتحسس يديها بـ أطراف أنامله .. دائما ً ما يرى المشاهد التي تجمع بين الأب وابنته ولكن تلك هي المرة الوحيدة التي يخرج فيها من دور المشاهد ويصبح البطل أمام أبنته السندريلا الملائكية .. فلا شعور يساوي لحظه تنظر فيها إلي جزء منك يتحرك أمام عينيك .. !

*****    *****    ***** 
وفي صباح اليوم التالي ... يتصل صديقه إبراهيم ..
-        صباح الفل يا " باشمهندس " انا مستنيك في البيت اهوة
-        بيت ايه يا عم انا مستنيك تحت البيت يلا انزل بسرعه بقي
-        انزل ايه .. لا أطلع ارتاح بس الاول .. !
-        ياعم ارتاح من ايه بس .. انزل بقي علي طول يلا ..
-        طيب ثواني وهكون قدامك يا هندسه ..
يرتدي مسرعا ً " تي شيرت " علي فانلته التي كان يجلس بها .. وما هي إلا ثلاثة دقائق وأصبح أمام صديقه .. ! وبعد السلام والتحية يركب معه السيارة ...
-        الف مبروك يا يوسف .. تتربى في عزك ان شاء الله
-        ربنا يخليك يا هيما .. مش لو انت كنت جايب واد كنت ضمنت انا عريس لبنتي دلوقت .. ؟
-        واد ايه ده بيقولولك بعد كده مش هيلاقوا رجاله خالص .. يعني اللي يخلف واد بعد كده يحطه في متحف
( ويضحك الصديقان ضحكا ً يملئ جنابات السيارة )
-        المهم يا يوسف انا عايز انصحك نصيحه اخويا .. سيبك من قصه الحب الفاشله اللي انت كنت عايشه دي .. دلوقتي انت عندك بنت خاف عليها بقي ..
-        قصدك علي " سماح "
-        اه هو في غيرها ولا ايه ... اوعي تكون مخبي علي اخوك حاجه ..؟
-        ( ضاحكا ً ) لا والله ابدا ً
-        انك تحب واحده وانت متجوز واحده تانيه .. ده شىء غبي اوي .. انك تقسم نفسك نصين ولا هترتاح وانت مع دي .. ولا هترتاح وانت مع دي .. ؟ ما ينفعش تقسم نفسك نصين .. جسمك مع بنت خالتك .. وروحك مع " سماح " .. !
-        والله من غير ما تقول .. انا كنت اخدت القرار ده من نفسي .. مش عايز اعمل اي حاجه تاني غلط .. عايز اتقرب من ربنا اكتر .. حاسس إني مقصر اوي في حق ربنا .. !
-        انت مأثر في حق نفسك .. أنت لو  أهتديت ربنا مش مستفاد منك شىء .. لكن انت اللي هتنفع نفسك يا يوسف .. !
-        صح يا " باشمهندس" .. والله هي اتصلت بيا كام مره بس انا ماردتش خالص عليها .. !
-        غلط يا يوسف .. لازم ترد عليها .. وتحط حدود للعلاقه دي .. وهي ازاي تسمح لنفسها انها تكلم واحد متجوز من البدايه .. ؟
-        انا عارف ان انا وهي غلط .. وعارف ان معاك حق .. !
-        بس يا سيدي ادينا وصلنا ... !
وأثناء نزوله من السيارة يجد شاب في الثلاثين من عمره .. يبدو وكأنه متعاطي للمخدرات .. و وجهه قبيح  به العديد من الجروح الملتئمة وتتجمع الهالات السوداء من حول عينيه .. فيغلق المرايا للسيارة .. ويقترب من إبراهيم ماشي يا باشا
فيضع يداه في جيبه ويخرج جنيهان ويضعهما في يد ذاك الشخص .. !
-        ايه ده يا باشا .. ؟
-        امال انت عايز ايه .. ؟
-        هو انا بشحت منك ..  انا قاعد بحميلك العربيه تديني اتنين جنيه اعمل بيهم ايه انا دول .. ؟
هنا يتدخل يوسف ....
-        ومين طلب منك تحمي العربيه
-        خلاص يا باشا انا مش مسئول لو جيت ولقيت العربيه فيها حاجه بقي .. !
وكأنها محاوله صريحة لتهديده بـ ان لم تمنحني ما أريد سـ أفعل بسيارتك ما لا تريد .. ! هنا ينهي النقاش بصرامة المهندس ابراهيم
-         عايز كام يعني .. ؟
-        عشه جنيه .. !
هنا ينفعل مره اخرى يوسف ....
-        ليييييييييه يعني .. !!!
فيمتص غضبه " ابراهيم "
-        خلاص خلاص .. خد العشره جنيه اهيه .. !
-        اهوة كده الكلام .. تيجي تلاقي عربيتك في امان وتمام التمام .. !


*****    *****    ***** 
تعود سماح مرهقه جدا ً في هذا اليوم .. وبينما تلقي بجسدها المتعب علي الأريكة .. تفتح الحاسوب الخاص بها .. وتتصفح بعض المنشورات الخاصة علي موقع " الفيس بوك " ولكن الغريب وقعت عيناها علي صفحه تعرض بعض المشاكل العاطفية فوجدت مشكله جذبت انتباها وكانت تفاصيلها كـالأتي .. " انا كنت بحب واحد اوي .. وهو اتجوز دلوقت وللأسف انا لسه بحبه جدا ً .. وبنتقابل انا وهو حتى بعد ما اتجوز " وكانت التعليقات كلها سب ولعن لتلك الفتاه ولكن ما جذب انتباهها شاب كان صاحب الحظ الأوفر من الإعجاب بعدما كتب " والله يا شيخه انا 30 سنه وخايف أتجوز لحسن أقع في واحده من اشكالكم اللي بتبقي مقضياها دي .. "
هنا شعرت بكم كبير من الألم من كلماته .. ولكن ما آلمها أكثر إعجاب الآخرين برأيه .. دون أن تشعر بحالها أرسلت إليه رسالة علي الخاص
" أنت حمار "  وأغلقت الحاسوب .. في اللحظة التي تدخل امها عليها تحمل بين يديها الطعام ..
-        ساعديني يا سماح ..
-        حاضر يا ماما ..
-        اخبار الشغل ايه معاكي ..
-        تمام بس مش عارفه اللي اسمه نبيل ده ماله .. حساه حاطتني في رأسه .. !
-        لا اله إلا الله .. وهيحطك في رأسه ليه بقي ان شاء الله .. سيبك من الاوهام دي يا ست سماح .. !
-        انا اصلا غلطانة إني بحكيلك يا ماما ..
-        هو انتي يا بت من ساعه ما اشتغلتي ما بقاش حد عارف يكلمك ليه .. هو خلاص ماحدش اتوظف غيرك .. !
-        بصي يا ماما ادي الأكل انا مش واكله .. !
-        قومي ان شاء الله ما عنك كلتي .. !
تقوم غاضبه .. تدخل غرفتها .. وتتمتم بكلمات غير مفهومه .. بينما تظل أمها بالخارج في وصله من الدعاء عليها مع بعض الشتائم ..
تخرج هاتفها .. تتصفح الأسماء .. حتى تصل إلي اسم " يوسف " تضغط اتصال ... جرس .. من ثم مشغول .. !!
تنتظر لدقائق .. تحاول مره أخرى .. جرس .. من ثم مشغول ..
هنا تلقي بالهاتف علي السرير ... والغيظ يملئ صدرها .. !

*****    *****    ***** 
-        انا عايز اعرف يا " باشمهندس " انت ازاي تدي عيل شمام زي ده 10 جنيه بس .. ؟؟
-        أديك قولتها .. عيل شمام .. انت بقي بتتقي شره بالعشره جنيه دي
-        معقول انت يا متعلم بتقول كده .. المشكله مش في العشره جنيه .. المشكله في المبدأ .. انت كده ( إتقلبت ) بطريقه محترمه شوية .. زيه زي قطاع الطرق .. !
-        ولما أقوله مش هديك .. وارجع الاقي العربيه متكسره ومدغدغه .. تفتكر ده ( عقل )
-        طيب ما انت بكده هتساعد الاشكال دي علي انها تنتشر .. !
-        مش انا يا يوسف .. صدقني مش انا
-        امال مين بس .. ؟؟؟؟؟
-        البلد ... انا مش مطالب احل مشاكل بلد علي حساب مستقبلي .. يعني لو قولت " لأ " وراح مطلع المطواه مديني في وشي .. تفتكر إيه الحل ... ؟
-        نتصل بالحكومه .. !
-        عليك نور .. ده اللي المفروض يحصل .. بس هو لو عارف ان في حكومه اصلا ً .. مكنش أتجرأ وعملها .. !
-        يعني ايه ... ؟
-        يعني انت في مصر ... !!
هنا عجز يوسف عن الرد .. أو بمعني أدق أقتنع برأي صديقه .. وظل ماشيا ً محاولا ً استيعاب الموقف .. حتى سأله إبراهيم
-        صحيح .. مين الي كان بيتصل بيك .. هي صح .. !
لم يرد ولكنه اكتفى بهز رأسه بعلامة " نعم " .. !
وأخير وصلا إلي المكان الذي يباع فيه أغراض " السبوع " ..

*****    *****    ***** 
يدخل نبيل عفيفي أو كما ينادونه " مستر نبيل " المحل فتترك كل فتاه ما بيدها وتجري نحوه .. عدا تلك الفتاه التي مازالت جديدة " سماح " ..
فيختلس نظراته إليها .. ولكن دون أن يشعر احد .. وبعد لحظات انصرفت الفتيات كل واحده منهم إلي عملها ومع انصراف لأخر فتاه اقتربت " سماح " ومدت يدها نحوه .. هنا شعر بلذة النصر .. ولكنه انتصار بلا معركة .. ولا جيوش .. انتصار فطري أساسه الغريزة والشهوة .. شهوه " التمييز " التي يبحث عنها فاقدي ثقتهم بـ أنفسهم ..!
هنا مد يده لها .. بكل برود .. متحاشيا ً النظر لعينيها .. هو لا يدري لماذا تحاشي النظر لعينيها .. ربما ليخفي سعادته بالمصافحة .. وربما لعينيها روعه من الصعب عليه أن يخفي إعجابه بهم .. لذا قرر أن يمد يديه ويفر بعينيه .. !
-        أخبار حضرتك إيه يا مستر .. ؟ 
-        بخير الحمد لله .. انتي تمام .. ؟
-        الحمد لله تمام ..
-        عندك أي مشاكل في الشغل .. ؟
-        لا لا خالص .. مدام رباب بتعاملنا زي اخواتها بالضبط ..
-        طيب هايل جدا ً يا ....
-        سماح
-        اه معلش يا سماح .. اصلي مش مركز خالص ..
 وهنا استعمل تلك القاعدة  " إن أردت أن تخبر شخصا ً انه بلا قيمه بالنسبة لك فتناسى إسمه عمدا ً " 
بعدها التفت إلي رباب .. وبصوت عال
-        رباب لو سمحتى فنجان القهوة الجميل بقي ..
ويدخل علي مكتبه يجلس أمام حاسوبه الشخصي .. ويفكر في نعومه أناملها .. فاليدان جسدان عاريان يحتضنان بعضهما بالمصافحة .. !
وبعد نصف ساعة من التفكير والتخيل .. والانتهاء من فنجان القهوة .. طلب من رباب أن تنادي " سماح " .. فعقدت رباب حاجبيها وقالت ..
-        خير يا مستر عملت حاجه .. ؟
-        لا بالعكس انا كنت قايلها علي كام ملاحظه .. وأعتقد سمعت الكلام
-        من عنيه حاضر هناديهالك
وبعد لحظات .. تدخل " سماح " ..
-        خير يا مستر .. ؟
-        انا شايفك انهارده أفضل كتير .. وحسيتك عملتي بنصيحتى .. وانا بحب اللي بيسمع الكلام ..
-        لا والله يا مستر مش كده .. انا بس في البدايه مكنتش لسه واخده علي الجو اوي .. وشوية شوية بدأت تعود .. !
-        المهم لو احتاجتي اي حاجه تعالي قوليلي علي طول من غير اي تردد
-        ربنا يخليك يا مستر
هنا يخرج بعض النقود من جيبه ليغريها بهم .. فهو يعلم أن الفتيات الطموحات غالبا ً ما يعشقن الرجل الثري .. لن تجد بين نقوده ورقه من الورقات التي تستعملها أهلها من العشرة .. والعشرون جنيه .. جميع نقوده تحمل نفس الشكل " مائتي جنيه " .. ولكنها لم تنظر .. ولم تعطيه أي اهتمام .. فيخرج من بينهم ورقه بمائتي جنيه .. ويمنحها إياها .. فتمد يدها لتأخذها من ثم تسأله ..
-        أيه دي .. ؟
-        ( هنا يضحك ) دي فلوس .. ! في حد مش عارف دي ايه  ... ؟
وهنا يضحك لأنها مدت يداها وأخذتها .. ربما لو لم تمد يديها من البداية لأختلفت ضحكته و وتعبيرات وجهه .. ولكنه أيقن بفطرته أن الأنثى التي تقبل المال من ثم تسأل .. تختلف عن التي تسأل قبل أن تأخذ .. !
عادت لتسأل ...
-        انا عارفه انها فلوس .. بس ليه ؟
-        دي يا ستي مكافأة بسيطه ليكي .. علشان أتغيرتي للأفضل ..
-        بس ده كتير ..
-        لا خالص .. مش كتير ... يلا بقي شليها وروحي علي شغلك ..
خرجت من مكتبه وهي تعرف السبب .. بالفعل كما قالت صديقتها لها من قبل .. صافحيه .. ولن تندمي .. !
ولكن هل مصافحه تجلب مائتي جنيه .. ؟ إن كان الوضع كذلك فلن تعمل النساء إذا .. سوى في المصافحة .. ولكن لا يمنح رجل لـ امرأة شيء كثير .. إلا إذا أراد منها شيء ثمين  .. ! ومن تقنع نفسها بغير ذلك فهي حمقاء .. ! فلن يدفع الرجل شيء .. إلا إذا  أراد في مقابله أشياء .. وإذا أراد سيخترع المسميات .. والأسباب التي يكآفأها من اجلها .. !
فـإحذري من سخاء الرجل .. !

*****    *****    ***** 

-        يلا يا ابو " توبة " علشان تلحق تجيب بابا من المطار ..
-        ماشي يا حبيبتي بس لسه اربع ساعات علي الطيارة وانا الطريق مش هياخد معايا أكثر من نص ساعه ..
-        يا حبيبي قوم بقي .. واوعي تودي بابا علي اسكندريه .. هاته علي هنا الاول انا عامله اكل كتير مخصوص .. ويبات معانا بدل ما يسافر انهارده ويرجع يجي تاني بكره علشان " السبوع "
-        يعني معقول انا هوديه اسكندريه يعني .. ومش هجيبه انتي بتهزري ..؟
-        لا أصل أنا عارفه بابا رأسه ناشفة شوية ..
-        ماشي يا " زنانه " أديني قمت
يتناول فطاره .. من ثم يجلس يلاعب صغيرته التي لم يتبقي علي الاحتفال بها سوى يوم واحد .. " السبوع "

*****    *****    ***** 
في مطار القاهرة يخرج رجل تخطي الخمسين من عمره ويقترب من الستين .. يرتدي نظاره وبه صلع خفيف من الأمام .. ممتلئ الجسد انه " عادل الشريف " زوج خالة يوسف .. وهو والد مروة زوجته ..
-        عم عادل ..
-        يوسف حبيبي .. اخبارك ايه ...
يتبادلان القبلات والأحضان .. من ثم يركبا معا ً سياره يوسف ..
-        وبره اللي احسن ولا هنا بقي يا عمو  .. ؟
-        شوف يا يوسف .. مش هكدب عليك .. " التسول " اللي شفته في مصر مش موجود بره خالص .. !
-        ازاي ..؟
-        يا اخي يقولوا مطار القاهره عالمي .. وتيجي تشوف الناس .. تلاقي الواحد يجي يقولك هات الشنطه عنك يا استاذ .. ويفضل يسألك مش عايز أي خدمه .. وفي الاخر مش هيسيبك غير لما ياخد فلوس .. مش ده تسول بردو ولا أنا غلطان .. ؟
-        لا يا عمي معاك حق طبعا ً ..
-        مطار قطر انت بتقعد تستخدم الـ " واي فاي " مجانا ً ولا حد بيضايقك .. ولا حد يجي يرخم عليك .. وبرغم كده كله بيتعمل معاك بأبتسامه وحب .. لكن هنا بتحسه بيضحك لك علشان تديله فلوس .. ومش بعيد لو ما ادتهوش يشتمك في وشك وقتها .. !
-        امال يا عمي من يومين صاحبي " سايس " خد منه 10 جنيه وهدده لو ما دفعش هيكسرله العربيه .. وصاحبي للأسف دفع .. !
-        بلطجه وتسول يا سيدي .. عايز ايه تاني ... ؟
-        للأسف حتى البلطجي مش " بيبلطج " غير علي الغلابه اللي هما في مستوى تاني فوق منه بسيط .. ما يقدرش يسرق واحد من الي معاهم ملايين .. الطبقه اللي تحت بتاكل بعضها .. !
-        تعرف كان جنبي انهارده واحد في الطياره مصري بردو .. فبيقولي علي موقف بيدل علي الفرق في البيع بين هنا وقطر .. بيقولي اشتريت " تي شيرت " من مول .. وبعد ما روحت البيت أكتشفت ان الخياطه مفكوكه وانا اشتريته من غير ما اخد بالي .. روحت رايح وقولت اشوف هيرجعوه ولا لأ .. وبالفعل تم تبديله بـ تي شيرت تاني لا وكمان اعتذار ... فقلتله نخيل لو ده حصل في مصر .. كان البياع قالك انت قطعته وجاي تستهبل عليا بقي ولا ايه .. !
-        ( هنا يضحك يوسف ) طيب دي حصلت معايا أنا بقي مش مع حد من اصحابي ... من شهر كده روحت اشتري بنطلون .. البياع كان قمه في الذوق معايا .. لحد ما اشتريته .. بس من غير ما البسه .. ولما روحت وجيت ألبسه لقيته ضيق عليا خالص .. روحت للمحل تاني .. وحسيت ان البياع شخص تاني خالص .. اول ما شاف البنطلون في ايدي بكل برود _ خير يا بيه .. ! قولتله والله البنطلون ضيق .. قالي ماهو كان قدامك ما قستهوش ليه .. هو أنا ضحكت عليك يعني .. ولا غشيتك .. قولتله يا سيدي ما قولتش ضحكت عليا ولا غشتني بس البنطلون ضيق عليا .. ! ومن هنا لهنا بعد نص ساعه جدال .. بدله ليا ببنطلون أسوأ منه .. ودفعت أنا الفرق كمان ..!
-        ( ضحكه بسخريه ) معرفش الناس حصل لها ايه .. !
ويعم الصمت للحظات ..
-        ايه ده .. معقوووول .... ؟
-        ايه يا عمو في ايه .. ؟
-        الحيوان ده ازاي ماشي " عكس " كده علي الدائري .. ؟
-        اه علي اللي راكب " توك توك " ده بقي العادي .. !
-        والحكومه ازاي ترخص الشىء ده .. !
-        ومين قال انه مترخص ..  هما بيمشوا من غير تراخيص .. واغلبهم عيال تحت ال 16 سنه أصلا ً .. وحتى تحت الناس بتمشي عكس في كل مكان امال الحوادث اللي بتحصل في مصر دي من شوية .. !
-        طبعا ً ماهو عارف ديتها .. هيكرمش " 20 جنيه " في ايده ومش هيعمله مخالفه .. !
-        بالضبط .. !!!!
-        وايه كميه مخلفات المباني والزباله اللي فوق الدائري دي .. ؟ ازاي ربنا يوسعها عليهم ويضيقوها علي نفسهم بالزباله .. الناس دي معندهاش عقل .. !
-        للأسف محدش بيخاف علي حد .. لما بقي كله غبي مع بعضه .. ! محدش بيفكر غير في نفسه وبس .. !
-        مصر حلوة يا يوسف .. وناسها حلوين وطيبين .. بس محتاجين حد يوجههم صح .. أنا لسه عندي أمل في البلد دي برغم اللي شفته فيها .. بس ربك يستر وأزمه الاخلاق دي ما تزيدش أكتر .. لأن ساعتها هتتحول كارثه انسانيه بمعني الكلمه .. ! الكويس في مصر قليل اوي ... هتلاقيه مش بيرمي زباله .. هتلاقيه مش بيدفع رشوة .. هتلاقيه دايما بيعمل الصح .. وبيتعب .. لأن اللي بيعمل الصح في بلد غلط .. بيعاني .. ! وفي مجموعه فاسده هتفضل تعمل الوحش بكل الطرق .. ودي بردو قله .. اما اغلبيه الشعب كاره الغلط .. وكاره الرشاوي وبرغم كده بيعملها وبكل سهوله بيبرر " الناس كلها بتعمل كده .. هي جت عليا " ... لو قدرنا نعاقب الوحش .. والكويس ياخد حقه ساعتها بس الاغلبيه اللي بقولك عليها دي هتبقي ضمن الفئه الكويسه .. والفئه دي هتطلع منكم انتم يا أبني اولادكم .. اولاد شباب ثوره يناير ... دول أمل مصر .. !
-        يارب يا عمي مع اني فقدت الامل .. !
-        اوعي تفقد الامل .. خلي ثقتك بالله كبيره .. وأبدأ من نفسك انت بس
-        والله يا عمي الكلام معاك ممتع بشكل لا يوصف .. بس للأسف وصلنا بسرعه ..

*****    *****    ***** 
دخلت منزلها متعبه ومرهقه .. فتحت الحاسوب .. وجدت رساله من شخص يسمي " محمود جمال " .. مكتوب فيها " يبقي انتي يا حلوة صاحبه القصه مادام كلامي حرقك " .. ! هنا ضحكت من غرابه الكلمة
وارسلت إليه .. ما ندمتش لما قولت عليك " حمار "
ولكن سريعا ً ما وجدت الرد ..
-        دي تاني مره تغلطي فيا .. بس مشكلتي اني محترم وسط مجتمع الوحش بيتقدر والمحترم بيتكدر  .. !
-        ايه يا عم الألفاظ بتاعتك دي .. علي العموم أنا آسفه ..
-        مش هتعترفي بقي .. ؟
-        اعترف ... !  بـإيه .. ؟؟
-        ان انتي صاحبه المشكله .. !
-        ياااااربي .. تصدق .. أنا غلطانة اني اتكلمت معاك اصلا ً .. وبسحب " سوري " اللي قولتلهالك من شوية .. !
-        خلاص .. خلاص .. أتعصبتي ليه بس .. ؟
-        ليه .. ؟ مش عارف ليه .. ؟؟
-        خلاص يا ستي حقك عليا .. بس انتي شايفه اللي هي عملته ده صح .. ؟
هنا تسكت للحظات .. لا تعرف ماذا تكتب .. ان قالت " نعم " ستصبح كاذبه بين نفسها .. وان قالت " لا " أوجعها ضميرها .. كيف لا وهي تفعل ما فعلته تلك الفتاة .. ولكن في النهاية كتبت ..
-        بعيدا ً عن اي شيء أنا معترضة علي قسوتك معاها .. مش علي اللي هي عملته .. !
-        ازاي  بتنتقدي أسلوبي وانتي لسه قايلالي يا حمار مرتين في اول مرتين أكلمك فيهم .. !
-        ( هنا تضحك ) خلاص بقي ما يبقاش قلبك اسود .. !
-        ماشي يا " متناقضة " هانم .. !
-        متناقضة ازاي .. ؟
-        لا أنا لازم انزل دلوقت .. وهكلمك بعدين لو حبيتي .. وانا بعتلك اضافه ..
-        أنا مبدئيا ً مش بحب أضيف أولاد .. بس هقبل مؤقتا الاضافه لما اشوف آخرتها معاك أيه .. !
-        ماشي يا ستي .. بس لو ضفتيني مش هتقدري تمسحيني علشان أنا زي البحر " ماليش آخر " .. !
-        شكلي هعملك بلوك دلوقتي علشان أزود ثقتك بنفسك دي كمان شوية ..!
-        لا وليه هي زايدة لوحدها اصلا ً ... يلا هكلمك بعدين يا سندريلا
-        سلام


*****    *****    *****

تجمعت الاسره بكاملها .. يوسف وأمه فهو الابن الوحيد .. وبعض أصدقائه المقربون في العمل علي رأسهم ابراهيم عبد الجواد او كما يناديه دائما ً " الباشمهندس " وآسره مروة قد حضرت من الإسكندرية بعدما انتظر الوالد في شقه زوج ابنته بدلا ً من السفر والعودة وأخوات مروة .. منى وإيمان ..
وقليل من أصدقاء العائلة المقربون .. وبدأ الحفل بتشغيل الأغاني الخاصة بمثل تلك المناسبات .. رن هاتف " يوسف " فنظر إليه من ثم غادر علي الفور .. لم يلاحظ ذلك سوى صديقه " إبراهيم " هنا نظر لزوجه يوسف وهمس في نفسه " مجنون مين يبقي معاه القمر ده ويبص لغيره " .. !!
وبالفعل كانت " سماح " المتصلة .. هنا رد بكل قوة ..
-        ايوة ..
-        ايه يا يوسف مالك بتكلمني كده ليه ... بقالك مده بتتهرب مني .. وأول ما ترد تكلمني وحش كده .. !
-        ايوة أنا خلاص زهقت .. وكرهت نفسي .. عايز اعيش وسط بيتي ومراتي أبعدي عني بقي ... كان لازم تفهمي ده من نفسك .. !
-        انت يا حيوان بتكلمني وكأني واحده من البنات إياهم ليه كده ..
-        ما هو انتي زيك زيهم .. ولا نسيتي اللي كنا بنعمله سوى .. ؟
-        أنا مش مصدقه .. ازاي تقولي كده يا بني ادم أنت .. !!
-        علشان انتي غبيه .. وما بتفهميش .. !
-        ( هنا يعلو صوت بكائها ) حيوان .. حيوان ..
وأغلقت الهاتف في وجهه .. وبكت بكل حرقه فليته طعنها بسكين في قلبها خير لها من أن يذبحها بكلماته .. كلماته التي لا تقتل ولكنها تعلق الروح بين الحياة والموت .. في الوقت الذي شعر فيه هو أيضا ً بالندم .. ولكنه تعمد ذلك حتى لا تحاول الاتصال به .. وعندما سأل نفسه هل هو أحبها فعلا ً أو لم يحبها لم يجد أجابه مقنعه .. ولكنه علي يقين بـأنه أحب الخطيئة معها .. !
هي لم تتخيل أن يتعامل معها وكأنها ذبابه علي كتفيه بـ أصابعه " ينفضها"
فأي حب ذلك الذي يجعله يستغلها .. ؟
ولكن هناك التبرير الدائم في أفواه الحمقى " ألم يكن كل شيء بإرادتها "
هنا تبكي في وقت لا ينفع فيه " الندم " .. ماذا سيعيد البكاء .. ؟
هكذا دائما ً يفعل السذج .. يخسرون من ثم يستمروا في الخسارة بـ الحسرة علي ما مضي .. وكأن الحياة توقفت علي أولئك .. نعم الطعنه شديدة .. ولكن الدمعة اغلي من أن تسقط يوما ً علي شخص " خذلك " .. !

*****    *****    *****

علي غير عادته أصبح يأتي كثيرا ً " مستر نبيل " فالسابق ربما لا يأتي سوى يوم الخميس ليطمئن علي العمل بنفسه .. أما الآن يأتي ربما مرتين وربما ثلاثة في الأسبوع إن لم يكن أكثر .. !
دخل وبدأ يتفقد بعينيه الفتيات واحده تلو الأخرى تسلم عليه ولم يلمح ما يبحث عنها بينهم .. هنا دخل مكتبه وكأن مزاجه غير منضبط في تلك المرة .. طلب من " رباب " أن تحضر إلي مكتبه ولكن بصوت منخفض في تلك المرة .. وكأن بصدره شيء ما يثقل لسانه .. من ثم جلس ويبدو عليه الإرهاق .. وسألها ..
-        الشغل عامل أيه .. ؟
-        كله تمام .. !
-        عايزك توقفي الاجازات للبنات بقي .. الضغط خلاص هيبدأ .. وهندخل في الجد ..
-        أنا قولتلهم امبارح والله كده بردو ..
-        خلاص اتفضلي انتي
وقبل أن تخرج ناداها .. ليسألها عن ما أراد معرفته .. ولكن كعادته يحاول أن يخفي ما بداخله بـ أن يسلك الطريق الأطول ليخفي ما يكمن في صدره .. فسألها وكأنه غير مهتم ..
-        وفين الأستاذة الجديدة .. مش شايفها انهارده بره .. !!
-        سماح .. !
-        آه ... هي فين .. ؟
-        سماح ما جتش انهارده ..
 هنا تتبدل ملامحه .. ويحاول أن يظهر وكأنه غضبان فيسأل بعصبيه مفتعله ..
-        ما جتش ليه الهانم ... ؟
-        الصراحه مش عارفة .. هبقي اتصل أشوفها
-        انتي معاكي رقمها يعني .. ؟
-        اه .. معايا
-        طيب هاتيه أنا هتصل اشوفها
هنا تتعجب " رباب " ولكن تمنحه الرقم .. وتتسلل الغيرة لقلبها .. فـ إن اهتم بـ احد غيرها .. هنا لن تصبح هي رقم " 1 " .. لن تصبح المسيطرة .. فبرغم ما تحمل من طيبه ولكنها في النهاية امرأة .. ولا توجد امرأة طبيعيه لا تغار ... !
-        ماشي .. أقفلي الباب وراكي بقي .. وانا هبقي اتصل واشوفها
قالها بعدما أعطته الرقم .. وتنتظر أن يتحدث أمامها لترى كيف سيكون الحديث .. فهو لم يطلب رقم لفتاة من قبل .. لماذا تلك .. ؟
خرجت " رباب " وتعلم أن هناك شيء ما غير طبيعي مع تلك البنت .. ولكنها لا تعرفه .. !
اتصل مرتان وفي كل مره ينتظر للنهاية ولا ترد .. وفي المرة الثالثة أخيرا ً ردت ..
-        ايه يا سماح مش بتردي علي موبايلك ليه ... ؟
هكذا بدأ مكالمته معها بكل حده .. وصوت غليظ .. فـ عرفته علي الفور من أسلوبه .. فـ انتفضت من علي سريرها علي الفور ..
-        أنا آسفة .. أنا آسفة والله يا مستر نبيل .. بس كنت تعبانه شوية
-        خير .. سلامتك .. ؟
قالها .. ولكن تلك المرة بصوت أحن .. وفيه بعض القلق ..
-        مش عارفه .. كنت تعبانه شوية بس بكره إن شاء الله هاجي .. أنا بجد آسفه جدا ً ..
-        لا ولا يهمك .. أنا حبيت اطمن عليكي بس .. ولو حسيتي انك محتاجه ترتاحي بكره كمان .. أعتبريها اجازة مني ليكي يا ستي ..!
-        لا لا ربنا يكرمك .. أنا ان شاء الله من بكره هكون موجوده في معادي .. وشكرا ً اوي .. !
-        ماشي .. لو احتاجتي حاجه .. ده رقمي .. سلام
-        ربنا يخليك يارب .. سلام
أغلقت الهاتف معه .. وبدأت تتنفس الصعداء .. معقول مستر نبيل اللي البنات كلها بتقف له علي رجل واحدة .. يتصل علشان يطمن عليا ..

*****    *****    *****

مر يوم شاق علي الأسرة بكاملها من تحضير للسبوع .. وبعد ذلك الاحتفال .. حتى انتهي اليوم سكن كل منهم علي سريره بعدما ترك يوسف الشقة لمروة وأسرتها حتى يشعروا بالراحة أكثر وذهب هو لينام مع أمه في الشقة الأخرى .. في انتظار أن يأتي الصباح ليغادروا إلي الإسكندرية  .. فـأجازة الأب عشرة أيام تخطى منها يومان .. ولم يتبقي سوى ثمان أيام وتنتهي الأجازة .. ينتظروا حتى الصباح ويتسللوا خارج المنزل بهدوء حتى لا يستيقظ " يوسف " ويوصلهم بسيارته .. وقد ذهب الأب " عادل الشريف " وزوجته وإبنتيه مني و إيمان .. بتاكسي إلي الإسكندرية ..

*****    *****    *****
تذهب لليوم التالي إلي العمل " سماح " وفور دخولها تقابلها " مدام رباب " بنظرات حادة " ..
-        صباح الخير يا مدام رباب ..
-        أهلا يا سماح .. انتي ما جتيش امبارح ليه .. ؟
-        والله غصب عني يا مدام رباب .. كنت تعبانه شوية ..
-        ( هنا تهز رأسها بعلامات عدم الرضا ) ماشي ..
سر غضبها لم يكن للغياب .. ولكنه للأفتقاد الذي لمحته في عين مستر نبيل .. لماذا يسأل عنها .. ولماذا يهتم بها .. ؟
ربما لو لم يطلب رقمها .. لقابلتها بمقابله أكثر حب .. و ود من تلك المقابلة الجافه .. !
علي الجانب الأخر .. كانت تشعر بسعادة غامرة " سماح " فهي لا تهتم بغضب " مدام رباب " من عدمه .. فلا يهم ان يكسو الزجاج الأرض لطالما قدماك محميتان داخل حذاء لن يتسلل إليه الزجاج .. فمكالمة هاتفيه بالأمس .. رفعتها فوق السماء .. شعرت ُ بـ أنها مميزة عن غيرها بالفعل

*****    *****    *****
استيقظ من نومه " يوسف " وبدل ملابسه .. فسألته أمه ..
-        رايح فين ... ؟
-        هجيب فطار للجماعة فوق ..
-        دول مشيوا يا ابني ..
-        ازاي .... !
-        والله أنا لسه طالعه من شوية .. ومروة قالتلي مشيوا .. ومحبوش يصحوني من النوم .. وسابوك علشان ما توصلهمش .. !
-        ده كلام برضوا .. !
يصعد لمروة .. ويبحث عنها في الغرف .. فيقابلها خارجه من المطبخ ..
-        ايه يا مروه .. ما صحتنيش ليه بس .. ؟
-        والله هما أصروا .. ومكنوش عايزين يتعبوك .. وكده كده سافرو بتاكسي .. انت كنت هتلحق تروح وترجع امتي بس .. تعب عليك ..
-        اصل كده كده اليوم اجازة يعني .. مكنش هيحصل حاجه لو وداتهم
 من ثم تبكي الصغيرة .. فيجري هو نحوها ..
-        حبيبه بابا زعلانة ليه بس .. ؟
من ثم يقترب منها .. ويقبل يديها الصغيرتين .. ويتأمل وجهها البريء الذي لم يلوث من الحياة بعد .. ولم يشوه الكذب و لا النفاق براءته .. !

*****    *****    *****
تعود للمنزل بعد يوم شاق من العمل .. تحاول ان تنسي كل ما مضى .. تحاول ان تنسي سخافة الأمس .. وكلام يوسف الذي جرحها وخاصة كلمته " كل شيء كان بـ إرادتك فلا تلومن إلا نفسك " ولكن كل ما تحاول فعله هو أن تتناسى .. وتتمني أن تنسى .. !
تفتح الحاسوب فتجد رسالة من " محمود جمال " مكتوب فيها " فينك " جاءتها تلك الرسالة في وقت كانت تبحث فيه عن شخص تتحدث إليه .. شخص لا يعرفها ولا تعرفه .. تلقي إليه بما في داخلها من ثم تنصرف في طريقها .. وينصرف هو في طريقه .. شخص تتحدث إليه فترتاح دون أي شعور بالندم أو الذنب .. أو خشية من افتضاح أمرها .. هكذا يفعلن دائما ً أصحاب الحسابات التي تحمل أسماء مستعارة و وهمية علي " الـفيس بوك " يبحثون عن الراحة بالإفصاح عن ما بداخلهم .. شخص يحمل أوجاعهم ويرحل ..  أو يتخلصوا منه إلي الأبد بضغطه زر واحدة " بلوك " .. !
هنا ردت عليه دون تردد ..
-        أنا هنا .. ازيك ... ؟
-        أنا الحمد لله تمام ..
-        انت علي طول علي النت كده .. ؟
-        بليل بس .. برجع من شغلي بحب .. أقعد علي النت شوية
-        ماشي يا بتاع الليل
-        مش هتقوليلي اسمك ايه بقي يا سندريلا ..
-        ناديني سندريلا .. زي اسم " الاكونت " بتاعي .. !
-        تعرفي أني قريت قبل كده .. ان البنات او الاولاد اللي بتكتب علي الفيس بوك اسامي مستعرة زي برنس .. وسندريلا بيبقوا بيعانوا من عقد نقص ... !!
-        ممكن ما تبقاش تقرأ تاني وحياه أبوك .. ؟
-        يعني عايزة تفهميني انك من جواكي مش عايزة تعيشي زي السندريلا .. ؟
-        يا ابني و مين يكره .. بس في الحياة كلها محدش مرتاح .. !
-        طبعا ً .. وخصوصا ً لو واحده بتحب واحد .. وهو متجوز .. أكيد بيأثر علي نفسيتها خالص .. !
-        انت رجعت لـ اسلوبك المستفز ده تاني .. ! شكلي غلطانة اني اتكلمت معاك .. !
-        خلاص .. خلاص بهزر .. !
-        المهم بما انك ولد .. هو لما الراجل يتصل بالبنت .. ويديها اهتمام زايد .. ويحاول دايما ً يميزها عن اللي حواليها يبقي عايز ايه .. ؟
-        يبقي عايز ينام معاها .. !
-        أنت إنسان سافل ومش محترم .. ازاي تقولي حاجه زي كده يا حيوان .. !
-        انتي سألتي .. وانا جاوبتك كـشاب .. ياريت بلاش طوله لسان .. علشان بعد كده أنا اللي مش هكلمك تاني فعلا ً .. !
-        أنا آسفه يا محمود .. بس مكنتش متوقعه انك هتقول كده .. !
-        كنتي مستنيه ااقولك بيحبك .. ! تبقي عبيطة .. !!
-        أشمعني .. ؟
-        صعب تلاقي حد يحب حب طاهر في الزمن ده .. لكن مش مستحيل .. الحب الحقيقي موجود بس صعب .. !
-        وازاي اعرف نية الراجل .. إن كان محترم ولا مش محترم ؟؟
-        الست بتعرف من عنين الراجل .. ! الست لو ركزت في عين أي راجل هتعرف هو عايز أيه منها .. !
-        ماشي أنا هقوم بقي لحسن لسه راجعه من الشغل وتعبانة جدا ً ..!
-        ماشي سلام يا سندريلا .. وخدي بالك للجزمة بتاعتك تقع عند حرامي بدل من أمير .. وبدل ما هيدور عليكي علشان يعرف صاحبة الجزمة .. هيدور عليكي .. علشان يسرق فردة الجزمة التانية .. !
-        يعني ايه مش فاهمة ... ؟
-        لا ما تاخديش في بالك ... قومي انتي أنا اصلي بحب اهزر .!
-        ماشي سلام .. !

*****    *****    *****
-        صباح الفل علي عيونك يا " باشمهندس "
-        ايه يا يوسف .. صباح الورد ..
-        شكلك متضايق ليه كده .. ؟
-        يوم الخميس اللي جاي بعتوني اسكندرية .. هعمل معينات هناك .. وهبات هناك وأرجع الجمعة بليل .. وانا يوم الخميس كنت ناوي اخرج مع ناس أصحابي .. ! والصراحة بتخنق من البيات بره
-        معلش يا " باشمهندس " تتعوض الخروجة ..
-        المهم اخبار بنتك إيه .. ؟
-        زي العفريتة .. وانت أتجوز بقي .. علشان يبقي عندك بنوتة زيها .. انت كام سه دلوقت يا ابراهيم ؟؟
-        29 إلا شوية ..
-        طيب كويس .. لسه بدري .. بحسب تميت ال29 مادام إلا شوية يبقي استنى الشوية دول يخلصوا وبعدها أتجوز بقي .. !
" هنا يتبادلا الصديقين الضحكات العالية "

  *****    *****    *****
يدخل مستر نبيل .. فيجد " سماح " هي أول من جرى عليه .. فينظر لها بـ ابتسامة لطيفة .. بينما هي كانت تحاول أن تنظر في عينيه لتبحث عن سر اهتمامه .. فبرغم عنفها الشديد مع " محمود جمال " كان كلامه قد ترك أثرا ً فيها .. ولكن عينان كعين " نبيل "  أعمق من أن تكتشف ما فيها بهذه السهولة وتلك البساطة .. !
-        حمد الله ع السلامة ..
قالها لها .. وهو الذي لا يبدأ بالحديث أبدا ً .. قالها بـ ابتسامه أظهرت نواجذه ..
-        الله يسلمك يا مستر ..
قالتها في خجل من ثم انصرفت من أمامه .. !
بينما دخل هو مكتبه وجلس فيه لنصف ساعة .. من ثم خرج و وقف علي باب المكتب .. ينظر إلي " سماح " وأثناء شروده فجاءه صوت غليظ ...
-        عايز حاجه يا مستر .. ؟
-        ايه يا رباب مش كده .. في ايه انتي .. !
-        لا اصل لقيتك واقف .. قولت يمكن عايز حاجه .. !
-        بتابع الشغل يا ستي .. بلاش أتابعه .. ؟
-        لا أنا آسفه خالص والله .. مش قصدي .. !
-        خلاص خلاص .. حصل خير ..
يتمتم بكلمات لم تفهمها " رباب " فالطبع لو فهمتها " لغضبت " من ثم يدخل إلي مكتبه ..

  *****    *****    *****

-        حبيبي اعمل حسابك يوم الأربع اللي جاي نسافر أسكندريه علشان نسلم علي باب قبل ما يمشي ..
-        هي الطيارة هتطلع امتي .. ؟
-        يوم السبت إن شاء الله .. ع الساعه 3 العصر ..
-        خلاص أنا أخد اجازة يوم الأربع الصبح .. ونسافر بدري .. نقضي يوم معاهم .. وأرجع أنا الأربع بليل .. لأني شغال الأسبوع ده الخميس والجمعة .. وأجي السبت ان شاء الله بدري أخدك انتي وعمي ونطلع علي المطار ..
-        وليه بس أنت وديني .. وبعد كده نرجع أنا وبابا بتاكسي ..
-        لا يا حبيبتي .. علشان أسلم أنا كمان علي بابا ..
-        ربنا يخليك يا يوسف بجد ..
-        ويخليكي يا حبيبتي ..

  *****    *****    *****
في طريقها للمنزل .. يلفت انتباهها فستان زفاف .. فتقف أمامه مندهشة .. وتسأل نفسها .. متي سيأتي ذاك اليوم الذي أرتدي فيه فستانا ً كهذا .. أكن لحبيب يعشقني .. يجعلني ملكة في بيته .. أستيقظ علي قبله منه .. وأنام بين ذراعيه .. يفاجئني دائما ً بقبلات مباغته .. هنا تشهق .. شهقة عميقة بعمق هذا التمني .. !
لم يغادر هذا الفستان ذهنها ولو للحظه أثناء عودتها للمنزل .. دخلت حمامها وخلعت ملابسها .. وظلت ُ تنظر علي جسدها العاري في المرآة وهي تمرر يدها علي سائر جسدها .. وقالت في نفسها لـمن سيصبح  هذا الجسد الرائع .. !
خرجت من حمامها .. بعد استحمام بماء ساخن تفتحت بعده مسامات جلدها .. وأصبحت تشعر بـ أنها تتنفس من سائر جسدها .. !
ذهبت للفراش ونامت .. فوجدت نفسها في المنام ترتدي الفستان نفسه وبجوارها " عريسها " .. لم ترى وجهه .. ولم تعرف من هو .. وكما يقال " الجائع دائما ً ما يحلم بسوق من خبز " .. وبالفعل كانت جائعة لرجل يحتويها .. فمازال الجرح لم يلتئم بعد .. تبحث عن رجل يداوي الجرح القديم .. ويمنحها اهتمامه وعطفه .. !
ولكن للأسف لم يكن سوى " حلم " .. ومهما طال الحلم سينتهي بالاستيقاظ .. !
ابتسمت في الفراش وتمنت لو أنها لم تستيقظ من هذا الحلم أبدا ً .. ربما هذا الحلم لم يترك فتاة إلا وراودها .. !
تسحب " اللاب توب " من " الكومودينو " الموجود علي يمين سريرها .. وتفتحه .. فتجده كالعادة متواجد .. ! ( محمود ) فترسل له ..
-        نام بقي ..
-        ايه ده انتي صاحيه لحد دلوقت يعني تتحسدي .. ؟
-        لا أنا نمت بدري اوي انهارده .. ولقيت نفسي قلقانه دلوقت .. ومش جايلي نوم .. قولت افتح النت كده .. !
-        والله فرحت لما شوفتك فاتحه .. !
-        صورتك دي .. ؟
-        اها .. حلو صح .. ؟
-        عآدي يعني .. !
-        لا لا شكلي عاجبك بس أنتي بتداري إعجابك صح .. !
-        هو أنا ايه اللي صحاني .. ما كنت مخمودة
-        صحيتي علشان تشوفي صورتي ..
-        حودة .. ؟
-        عيون حودة .. !
-        هو انت برج الرخامة .. ؟
-        ههههههههههه ابقي أصحي كل يوم في الوقت ده علشان بيبقي دمك خفيف .. !
-        ماشي يا محمود .. تصبح علي خير بقي
-        ماشي .. صحيح .. !
-        هاا .. أيه تاني .. ؟
-        كلمه حودة طالعة منك زي السكر .. !
-        عارف يا محمود .. ؟
-        إيه تاني .. !
-        المحن والسهوكه في البنات وحشه اوي .. تخيل بقي لما تبقي في الراجل .. !
-        دي تبقي أكيد حاجه أوحش من الوحاشه .. ! هي دي عايزة كلام ..!
-        ما تقول لنفسك بقي .. !
-        ما أنا بقولها والله .. بس هي ما بتسمعش الكلام  .. !
-        ماشي يا عم ألذيذ .. سلام ...

  *****    *****    *****
-        مالك يا حبيبي راجع من الشغل قرفان انهارده ليه كده ... ؟
-        معرفش بيعملوا فينا ليه كده .. الأجازات أتوقفت لان المشروع فاضل شهرين علي تسليمه .. وهيضغطونا جامد الايام دي .. حتى جابوا مهندسين من مشاريع تانيه علشان نخلصه بسرعه .. لأن في شرط جزائي .. !
-        خلاص ما تزعلش .. وهما كده كده هيعوضولك الأجازة دي بعد ما المشاريع تخلص .. يا اما بيعوضها ماديا ً .. !
-        أنا متضايق علشان عمي بس .. وانتي هتسافري ازاي بس بتوبة ..؟
-        يا حبيبي عادي .. ركبني انت بس " القطر " وبابا هيستناني في المحطه .. !
-        وليه بس روحي بتاكسي ..  
-        ولازمتها ايه بس المصاريف دي كلها .. !
-        من هنا ليوم الأربع يحلها ربنا .. !

  *****    *****    *****
أصبحت تحكي مع " محمود جمال " يوميا ً لساعات .. فهو يمتلك من خفه الظل ما يجعلها تضحك بصوت عال جدا ً .. للدرجة التي تجعل أمها كل مرة تدخل الغرفة عليها وتسألها عن سبب الضحك فترد " مفيش يا ماما "
فيكون رد أمها " ربنا يشفيكي يا بنتي " .. !
-        ااقفلي يا ماما الباب وراكي .. وسبيني افرح شوية وأضحك .. هو الضحك بقي جنان .. بلاش اضحك كمان .. !
-        أضحكي يا اختي .. اضحكي .. وكسة توكسك انتي وأمك ..!
تخرج الأم .. وتدفع الباب بقوة من خلفها .. وتستمر " سماح " في الحديث مع " محمود جمال " أو بمعنى أدق " صديق الليل " .. !

  *****    *****    *****
هاتف مروة يرن .. فتهرول عليه وتنظر .. انه يوسف ..
-        خير يا حبيبي .. ؟
-        بقولك ايه يا حبيبتي .. عندك مشكله لو سافرتي الخميس بدل الأربع .. ؟
-        هتاخد اجازة الخميس يعني .. ؟
-        للأسف لأ .. بس " الباشمهندس إبراهيم " مسافر فقلتله لو مفيش فيها رخامه يعني ياخدك معاه .. حتى أبقي أنا مطمن عليكي أكتر .. والراجل الصراحه بكل ذوق .. قاللي اوي اوي .. !
-        خلاص يا حبيبي لما ترجع نشوف الموضوع ده .. بس عموما أنا معنديش مانع الخميس من الأربع مش هتفرق .. !
-        مش قولتلك هي هتتحل لوحدها إن شاء الله .. !
-        الحمد لله يا حبيبي ..
-        يلا بوسيلي " توبة " علي ما أجي .. !
-        عيوني يا يوسف ..
-        سلام
وفي مساء هذا اليوم يعود يوسف من عمله .. ويتفق معها علي السفر وبالفعل وافقت مروة علي السفر يوم الخميس بين العصر والمغرب مع صديقه " إبراهيم "
  *****    *****    *****
ترتدي " سماح " أجمل ملابسها اليوم .. لم لا .. فاليوم هو الخميس .. ومن المؤكد أن يأتي " مستر نبيل " وهي تحب أن تراها عينه جميله .. وخاصة انه لم يأت منذ ثلاثة أيام .. !
ترتدي ملابس سوداء .. وحذاء له كعب عال .. هكذا هنا دائما ً الشقراوات .. إن أردن أن يظهرن جمالهن كل ما عليهن فعله هو ارتداء الأسود .. !
وتزين رقبتها بعقد ذهبي .. وقليل من الكحل في عينيها .. يجعلها " ملكه " علي عرش الأنوثة .. !
تدخل إلي المحل فتنظر لها الفتيات بتعجب .. وانبهار .. اكتفى البعض بالصمت بينما الأخريات لم تكتفي .. فقالت واحدة " يا جماللو " بينما قالت الأخرى " أيوة يا عم " .. وقالت الثالثة .. " أنا لو كنت راجل مكنتش سبتك يا مزة " .. !
-        بس يا مجنونة انتي وهي .. !
هنا تقترب منها رباب في نظرة " غيره "  مع بعض الحقد ...
-        متشيكه يعني انهارده ..
-        لا ابدا ً .. كنا عند خالتي .. ورجعت من عند خالتي علي الشغل مالحقتش أغير .. !
يبدو علي " رباب " التصديق .. فبرغم غيرتها .. فهي إنسانه طيبه .. بسهولة تخدع .. تستطيع ان تكسبها ولو بكلمات بسيطة .. ولكن لماذا تحاول أن تكسبها وهي تمتلك مفاتيح مباشرة من السلطات العليا ... !!
وبعد مرور ساعتين .. يأتي " مستر نبيل " بالفعل كان لابد له أن يأتي .. فإن لم يأتي اليوم ربما ماتت فتاة من الغيظ .. كمن يعد حفله كاملة من اجل شخص .. ولا يأتي .. ولكن الحفلة الآن اكتملت بوجوده .. هنا ألقت بالطعم .. وهو طعم لا يقاوم .. " جمالها " فهل ستلتهمه تلك السمكة الحائرة التي يبدو من عينيها أنها لم تأكل منذ زمن .. ؟
أم أن للسمكة رأي آخر ... ؟
تهرول الفتيات نحوه .. كقطيع من غنم جائع القي إليه حفنه من برسيم .. بينما وقفت هناك أخرى تحاول أن تلتقم صاحب القطيع .. !
حاولت أن تتظاهر بعدم رؤيته .. بينما هو كان ينظر إليها بحدة .. حتى لاحظت الفتيات .. فشعر بالحرج .. وقال لهم ( مازحا ً ) ..
-        مين  دي .. ؟
هنا ضحكت الفتيات بصوت عال ِ ..
-        اوعوا يكون هي .. وانا مش واخد باللي .. !
هنا ردت إحداهن ..
-        هي يا مستر هي .. ( سماح ) .. !
هنا ضحكت " سماح " وقالت في طريقها إليه ..
-        هو أنا كنت معفنة اوي للدرجة دي .. ؟
-        لا مكنتيش وحشة اوي .. بس بقيتي حلوة اوي ..
هنا تغامزت الفتيات .. فهم لم يعتدن حديثا ً مثل ذلك من مستر " نبيل " الوقور .. هنا تدخل " رباب " يلا يا بنات كل واحدة علي شغلها .. !
صافحته بأطراف أصابعها .. فـ أطال هو الإمساك بيدها .. فسحبت أصابعها من بين يديه .. فتبدلت ملامحه وجهه وكأنها تسحب روحه من الداخل .. !  
وأثناء التفافها .. سقطت علي الأرض .. وكأن قد أصابتها " عين " زميلاتها .. ! ولكنه حاول أن يساعدها وللحظه تذكر انه في مكان عمل .. وانه " مستر نبيل " فتراجع عن القرار علي الفور .. حاولت صديقه لها مساعدتها .. فـ أصبحت تمشي علي قدم ونصف .. بعدما كانت تمشي كالغزال في رشاقتها .. !
حاولت عدة مرات أن تقف ولكنها لم تستطع .. جلست علي الكرسي .. هنا ضحكت " مدام رباب " ولكن ضحكه تحمل بعض الشفقة ..
-        أنا قولت أنتي انهارده مش طبيعيه يا سمسمة
-        معرفش والله الكعب الزفت أتكسر .. !
بعد ربع ساعة من مراقبته للوضع من بعيد .. نادى علي " مدام رباب " وسألها عن " سماح "
-        لا يا عيني رجليها ورمت أوي .. !
-        خلاص ما تخليهاش تشتغل انهارده .. !
-        لو عايزة تقعد .. تقعد .. ولو حابه تمشي برآحتها .. !
-        ما أنا بقول كده بردو .. مش هتقدر تقف عليها .. !
-        خلاص ناديهالي وانا هقولها تمشي ..
-        حاضر ...
وبعد لحظات قليله .. تدخل بقدم وتجر الأخرى خلفها ... !
-        والله أنا مش بحسد يا سماح .. أكيد حد غيري .. !
-        ( تبتسم ) لا و الله يا مستر أنا اللي خايبه .. ومش متعودة علي المشي بكعب .. !
-        يلا تعيشي وتاخدي غيرها ..
-        ( هنا تضحك ) حرام عليك يا مستر ..
-        خلاص روحي انتي يا سماح .. هتقفي ازاي بس برجلك كده .. !
-        والله أنا محرجه من حضرتك جدا ً ..
-        خدي دي أركبي تاكسي .. خليه ياخدك لحد البيت .. !
-        لا لا والله مش هأخد حاجه .. !
هنا يخرج الأسد من خلف عرينه " مكتبه " ويقترب من غزالته " سماح " ويمسك بيديها .. قولت أمسكي ويضع ألمائتي جنيه المعتادة في يديها .. فتتراجع هي للخلف بعدما كاد جسده أن يلامس جسدها .. فهي أضعف من أن تتصدى لأسد جائع كهذا .. فهي لم ترتقي لدرجه لبؤة بعد .. !
كانت تلك نظراتهم لبعض .. هو يراها غزاله .. وهي تراه سمكة .. !
وفي النهاية خرجت من مكتبه ولكن بعزيمة أقوى .. فالمال دائما ً يمنحك ثقة بالنفس وهمة أكثر .. ودعت صديقاتها وخرجت .. لتركب أول تاكسي تقابله .. إلي منزلها .. !

  *****    *****    *****
يتصل " إبراهيم " بـ يوسف ويخبره انه ينتظر المدام أسفل المنزل .. فيخبره بـأنه سيتصل بها حالا ً لتنزل له .. !
هنا تنزل مهرولة " مروة " علي إحدى يديها " توبة " وعلي كتفها حقيبة بها بعض الملابس لطفلتها .. !
علي الفور يخرج " إبراهيم " من السيارة يمسك الحقيبة عنها .. ويفتح لها باب سيارته التي تبدو ثمينة إلي حد ما .. فدائما ً هم الشباب قبل الزواج يجعل من سيارته عروسا ً .. فهو لا يحتاج لمصاريف بيت ولا توجد عليه أي التزامات في الحياة .. !
لذا سيارته تحظى بالحجم الأكبر من مصاريفه .. !

  *****    *****    *****
تدخل بقدم ونصف .. فتنظر لها أمها ..
-        مالك يا بت .. وايه جابك بدري كده .. ؟
-        اتزحلقت علي رجلي .. !
-        احسن يا خايبه يا بنت الخايبه .. لازم " تتغندري " اوي بالكعب ابو متر ونص ده .. أهوة كان هيجيب أجلك .. !
-        يالهووووي ياما هو أنا في ايه ولا ايه بس .. !!
-        صوتي .. صوتي اوي يا بت .. هو انتي فاكرك اللي ربنا بيعمله فيكي  ده من شوية .. !!
-        الله يسامحك ياما .. !
-        قومي غيري يا موكوسه .. وخدي المخروب وحطيه علي المكسورة واقعدي كركري بقي .. ماهو انتي عايزة كده اصلا ً .. !
-        تصدقي فعلا ً.. والله أول مره تقولي حاجه صح .. !
تغير ملابسها .. من ثم تاخذ الحاسوب وتفتحه .. ولكن تتفاجىء بوجود " محمود " .. !
-        مكنتش متوقعه خالص اني هلاقيك فاتح انت أيه يا ابني مش بتفارق النت .. !
-        أنا فاتح من " اللاب توب " في الشغل .. !
-        اها .. طيب هسيبك علشان ما اعطلكش أنا ..
-        أنا كمان هقفل لأني نازل .. أكلمك كمان نص ساعه كده إن شاء الله أكون وصلت البيت .. !
-        خلاص هستناك .. !
-        إن شاء الله .. سلام
-        سلام
تخرج من غرفتها .. فتجد أمها تجلس امام " التلفزيون " وترتشف من كوب شاي أثناء اندماجها مع أحد المسلسلات .. !
-        خرجتي يعني يا موكوسة ما طولتيش المرة دي .. ! شكل المخروب أتحرق .. أحسن .. !
-        بقولك أيه يا أما " عايزة أكل فراخ مشوية " .. !
-        ليه يا روح أمك بتتوحمي .. ؟
-        يا ستي هعزمك .. مستر نبيل انهارده اداني ورقه بمتين جنيه
-        طيب روحي هاتي فرخه .. بس خليه يقطعها حتت صغيرة .. ويسويها علي الفحم .. !
-        نهار اسود عليا انهارده .. يعني أنا اللي هدفع .. وانا اللي هشتري برجلي دي ... ؟ وانتي هتشاركي بالأكل بس يعني .. !
-        ذليني بقي يا بنت ال ... مكنتش أكلة فراخ دي .. !
-        خدي بقي 30 ج أهم ... وروحي بس علي طول لحسن ميتة من الجوع .. !

  *****    *****    *****
-        أخبار حضرتك أيه يا مدام مروة .. !
-        تمام الحمد لله ...
-        تعرفي برغم انك من الإسكندرية بس لهجتك قاهرية خالص ..
-        أنا ماما اصلا ً قاهرية .. بس بابا إسكندراني .. علشان كده احنا أغلب كلامنا زي ماما .. بس بابا اللي ممكن شوية من كلامه تعرف انه إسكندراني .. !
-        آه شفت والدك في السبوع راجل سكره خالص ..
-        آه بس للأسف مسافر يوم السبت ان شاء الله علي " قطر " تاني ..
-        يلا إن شاء الله يروح ويجي بالسلامة ..
-        الله يسلمك .. !
فجاءه يسمع صوت ضجيج ... فيتوقف بسرعة علي اليمين .. هنا تقلق مروة .. فيحاول هو تهدئتها .. !
-        ما تخافيش ده أكيد مسمار  .. بس كويس عملها في النور
-        أنا أترعبت .. قلت حصل ايه بس .. !!
-        لا لا حاجه بسيطة خالص .. هعملها ونكمل في طريقنا إن شاء الله
-        إن شاء الله ..

  *****    *****    *****
-        الله .. حتة أكلة ياما إنما إيه .. !
-        طيب قومي علقي علي الشاي .. ولا هتقوليلي مكسورة ..
-        لا وعلي ايه هقوم أعملهم أنا كوبيتين الشاي .. وأوفر علي نفسي يومين تريقه أسهل .. !
-        وأنتي حساسة اوي يا عين أمك .. !
تمدد علي أريكة بالصالة .. وتحمل " اللاب توب " علي وسطها .. وتضع علي يمينها كوب " الشاي " .. وعلي الأرض تجلس أمها تنظف بقايا الدجاج العالقة بين أسنانها .. وكوب من الشاي أمامها .. وتركيزها كله ينحصرعلي المسلسل الذي تكاد تكون حافظه لكل مشاهده عن ظهر غيب .. !
-        أنا في البيت دلوقت ...
تلك كانت أول رسالة تتلقاها من " محمود جمال "
-        اهلا ً وسهلا ً ..
-        مش هتقوليلي أسمك الحقيقي إيه بقي يا سندريلا .. ؟
-        أنا مش بحب أاقول أسمي لحد .. بس انت فعلا ً شخص محترم اوي وانا ارتحت لك .. علشان كده هقولك علي اسمي .. أنا اسمي سماح ..
-        أسمك جميل اوي يا سماح .. تعرفي سمعت ان كل شخص بيكون ليه نصيب من أسمه .. يعني إللي اسمه كريم .. بيكون فيه شوية كرم .. والله إسمه عادل بيكون " حقاني " شوية .. ! ولا انتي شايفه ايه .. ؟
-        من ناحية التسامح أنا " هبلة " جدا ً ..
-        طيبة زياده عن اللزوم يعني .. !
-        لا هبله بحسه بيوصفني أكتر .. !
-        تعرفي أنك أحلي هبله كلمتها في حياتي .. !
-        وأنت تعرف انك أكتر ولد " كهين " عرفته في حياتي .. ؟
-        ماشي الله يسامحك .. بس عارفه برغم كده .. في جواكي جرح .. بحسك بتهربي منه .. بس يوم ما تحبي تحكي . هتلاقيني موجود ..وهحب اسمع منك أكيد .. !
-        مش هكدب عليك .. أنا كمان زي البنت اللي بعتت الرساله ..
-        هووووبا ... أنا قلت والله من يومها برضوا .. إن انتي اللي باعتة الرسالة .. !
-        لا والله مش أنا فعلا ً ..
-        ماشي يا ستي مصدقك .. أحكيلي يلا بقي .. !
هنا ارتشفت رشفة شاي .. من ثم اعتدلت في نومتها أكثر ..
-         بص أنا هحكيلك علي حاجه .. مش ممكن كنت أحكيها لحد مهما كان .. بس احساسي من جوه انك شخص كويس بجد .. علشان كده أنا هحكيلك من غير تردد .. يارب تقدر حجم الثقه دي فيك بجد .. !
-        أكيييد .. ده شيء يسعدني جدا ً .. وإن شاء الله أكون قدها ..
-        أنا كنت شغالة مع واحد من كآم سنه .. كنا شغالين سوا في شركة واحدة  " مندوبين مبيعات " بس هو دلوقت اشتغل محاسب في شركة خاصة .. والحياه بقت أجمل كتير .. !
-        مندوبه مبيعات عطور أكيد وحاجات من دي .. ؟
-        لا لا خالص .. كنا شغالين في شركه تأمين ..
-        ازاي .. مش فاهم
-        بنبيع تأمين علي الحياه ...
-        ازاي ده .. ؟
-        كان كل واحد ليه مكتب .. وبنتصل بـ أرقام الشركه بتديهلنا .. بنحاول ناخد من العميل معاد ومن خلاله نقنعه بالتأمين وأهميته وأنه لازم يأمن علي نفسه .. وكنا بنروح للعميل البيت .. او الشغل علي حسب .. !
-        كانت تعب اوي علي كده .. !
-        كانت قرف .. وكلها سخافات .. ناس كتير بتتعامل مع مندوب المبيعات وكأنه شخص درجه تانيه .. غير السخافات اللي ممكن تسمعها في التليفون .. غير إلي عايز ياخد رقمي الخاص .. الخ الخ ..!
-        للأسف الشغل للبنت في بلدنا معاناة .. !
-        دي حقيقه فعلا ً .. !
-        المهم يا سيدي .. يوسف ده كان أكبر مني بسنه ونص كده سنتين .. كان شاب وسيم اوي .. وجرىء أوي .. أوي ..
-        ازاي .. ؟
-        ساعات كان بيطلع هو معايا عند العميل .. لما اخاف من العميل واحس انه شمال .. كنت بطلب منه يجي معايا .. !
-        طيب وهو عبيط .. هو مستفاد ايه من كده .. ؟
-        ما أنا كمان ساعات كنت بروح معاه لما كان بيتقاله من ستات والله أنا ست وجوزي بيجي متأخر ما ينفعش لو راجل يجي .. اما لو ست اوكيه .. كان بيقولها جايلك يا هانم الاستاذة سماح .. وكنا بنروح سوا .. نظام نفع واستنفع .. !
-        اها .. فهمت .. شغل مصالح يعني .. !
-        بالضبط .. بس الصراحه هو كان بيتعب أكتر لأنه في الحالتين كان بياخدني بعربيته .. !
-        ركبت معاه عربيته .. وأول مره أركب معاه .. الكاوتش فرقع من حظي الزفت .. يومها اترعبت اوي .. قاللي ما تخافيش  ده أكيد مسمار .. !

  *****    *****    *****
-        بس يا استاذه .. مش قولتلك هغير العجله علي طول ..
-        طيب الحمد لله ..
-        تحبي اشغلك الراديو أو اغاني معينه ..
-        شوف اللي يريحك انت .. بالنسبه ليه عادي ..
-        الصراحه مش بحب الصداع .. !
-        الحقيقة .. ولا أنا .. !
" هنا يضحكا الاثنين وكأنهما يعرفان بعض من فترة "
يركن بسيارته علي اليمين .. فيبدو عليها القلق من جديد .. فيطمئنها ..
-        لحظه بس هلحم " الكاوتش " واجيلك علي طول ..
-        اه .. اتفضل طبعا ً ..
-        الصراحه بحب امشي علي طول والاستبن تمام علشان لو كاوتش أتخرم .. ما " أحتسشي " .. !
هنا يخرج من سيارته بينما هي تستغل تلك الفرصة لـ إرضاع الصغيرة .. فهو بالطبع لن يأتي قبل عشرة دقائق علي الأقل .. !
يعطي هو الكاوتش " المخروم " لعامل الكاوتش .. من ثم يذهب إلي السوبر ماركت المجاور ويشتري له ولها عصيرا ً .. فـ اجمل ما في الطريق الزراعي كثرة المحلات فبرغم انه الاطول إلي الاسكندرية ولكنه الأفضل لأنه مسليا ً أكثر .. فيذهب تجاهها فينظر داخل نافذة سيارته .. فيلمح صدرها الذي يكاد ينير من بياضه .. هنا يبتلع ريقه .. وتتسمر قدماه في الأرض .. هي تخفيه بحجابها .. ولكن نظرا ً لصغر حجابها ظهر جزء من ثديها الأيمن .. فـ التفتت علي يسارها فلمحته .. فتحرك هو فجاءه .. وكأنه لكم يكن موجود منذ لحظات .. لم تلاحظ هي شيء .. ولكنه لاحظ كل شيء .. رأى ما يجب ألا يراه الرجل في المرأة .. سرعان ما اعتدلت في جلستها .. وأخفت ثديها ..  فالوقت الذي حاول فيه هو أن يخفي توتره .. فـأدخل يداه من نافذة السيارة .. ومنحها علبه العصير ..

*****    *****    *****

-        كملي يا فالحة وبعدين  . وبعد ما اشترالك " البيبسي " ايه اللي حصل ... ؟
-        راح قايللي خلاص يا ستي أدي الكاوتش أتصلح .. وراح راكب جنبي .. ده كان أول يوم نتقرب فيه من بعض .. !
-        وبعدين .. !
-        يومها حسيت بـ إعجاب واتشديت ليه اوي .. وبرغم انه كان خاطب بنت خالته .. لكن كان بيبص ليا بنظرات كلها إعجاب .. ؟
-        وانتي كنتي عارفه انه خاطب .. ؟
-        لا طبعا ً .. عرفت بعد كده .. هو كل اللي عمله يومها مسك إيدي " متعمد " .. عايزة ااقولك يومها ماجاليش نوم خالص .. !
-        اها .. وبعدين ..
-        كفايا كده لحد انهارده .. هبقي أكملك بعدين .. هقوم أشوف الشقة اللي تضرب تقلب دي .. لحسن أمي هتدبحني .. !

*****    *****    *****
-        بص يا استاذ إبراهيم .. العماره اللي هناك دي بتاعتنا ..
-        تمام .. العنوان سهل خالص .. !
يقف بسيارته أمام تلك العمارة .. من ثم ينزل مسرعا ً .. بعدما نزلت هي فتحاول هي أن تحمل الحقيبه مع الطفلة ولكنه يُصر أن يحمل هو الحقيبة .. فترفض هي كنوع من الذوق .. فياخذ الحقيبه من يديها .. ولكنه مسك يديها " عمدا ً " .. نظرت هي في عينيه لثوان .. وقالت في نفسها عيناك فضحت ما تريد .. !
فتحت الباب أختها سريعا ً بعدما رأتها من البلكونة .. هي وصديق زوجها .. فهم كانوا في انتظارها .. بعدما اتصل " يوسف " بزوج خالته وأعتذر له عن ظروفه وأخبره انه سيرسل زوجته وأبنته مع صديقه " إبراهيم "
خرج الأب مسرعا ً ..
-        اهلا ً وسهلا ً يا ابني .. تعال اتفضل ..
-        لا الله يكرمك يا حاج .. مره تانيه ان شاء الله
وبعد إصرار وإلحاح من والد مروة .. يدخل " إبراهيم " فيطلب سريعا ً منها تحضير العشاء من اجل الضيف ..
-        والله يا عمي مش هقدر أكل .. وانا مش غريب
-        يعني احنا جايلنا ايه من الغرب بس .. ؟
-        مره تانيه ان شاء الله لحسن مستعجل و ورايا شغل ..
-        شغل ايه يا ابني دلوقت ... ده احنا بعد المغرب .. !
-        ماهي معدات جايه لمشروع هنا .. وللأسف المهندس صديقي وكان واخد اجازة .. ولازم يكون في مهندس جوده يستلم الكابلات الجديدة والشركه اتصلت وقالت الكابلات هتيجي علي مرحلتين مرحله الخميس الساعه 11 بليل .. ومرحله الجمعه الساعه 9 بليل ... !
-        طيب وانت عندك شقه هنا .. ؟
-        لا هبات في أي فندق وخلاص .. !
-        يا سيدي طيب ما أنا الشقه اللي فوق دي فاضيه خالص .. !
-        ربنا يخليك .. أنا اصلا علي ما استلمهم الساعه هتبقي 1 ولا حاجه هقعد شوية مع العمال واشوف الدنيا فيها ايه .. هيكون النهار طلع .. ثم أنا مش بغلب لو هنام في العربيه .. بفرد الكرسي ومش بقول لأ ... !
-        بص يا سيدي الشقه أعتبرها بتاعتك .. ارتاح فيها وقت ما تحب في الدور اللي فوقنا .. !
-        صحيح كانت قالتلي الأستاذة " مروة " انك مسافر تاني قطر ..
هنا تخرج أم مروة بـ أطباق من الفاكهة ربما خمس أصناف من أجود واغلي أنواع الفاكهة ..
-        كتير والله .. حضرتك تعبتي نفسك ليه كده بس .. ؟
-        يا ابني يعني احنا جبنا حاجه من برة .. ما كله موجود .. !
-        ربنا يزيد ويبارك .. !
-        تعيش يأبني ..
-        وحضرتك يا عمي مسافر علي انهي مطار .. وامتى .. ؟
-        مطار القاهرة إن شاء الله يوم السبت العصر ..
-        طيب أنا مسافر يوم السبت علي الساعه 11 كده يبقي اخدك معايا بقي ... !
-        بـ أي وش اروح معاك أنا بقي .. ؟
-        كفايا ذوق حضرتك ..
-        لا يا سيدي لو عايز تريحني تعالى بات عندنا وساعتها أنا ممكن اروح معاك .. !
-        طيب بص أنا انهارده صعب جدا ً .. بس أوعدك بكره ان شاء الله علي الساعه 10 بليل هاجي أتعشي معاك .. وابات في الشقه اللي فوق .. ويوم السبت أخدك ونسافر إن شاء الله .. وانتي يا مدام مروة جاية معانا برضوا ولا ايه .. ؟
-        آه طبعا ً إن شاء الله ..
هنا أبتسم ابتسامة لم تفهمها سوى مروة .. فكما قيل إن أردت أن تقرأي ما يدور في ذهن الرجل فقط أنظري في عينيه بعمق ..!  وهي لم تجد في عينيه سوى شهوة وخيانة لصديقه الذي أعتبره أخ .. ولكن تذكر دائما ً ..
" عندما تضع البنزين بجوار النار .. فلا تسأل من أين أتت الحريق "
وبعد يوم من التعب والإرهاق .. دخلت " مروة " غرفتها .. وسريرها الذي أفتقدته بشدة بعد زواجها .. فعليه كانت تحلم بفارس أحلامها .. وعليه كانت تسهر تستمع إلي الراديو بسماعتي أذن .. هنا ماض شبابها .. ولكن في تلك المرة لن تنام بمفردها .. ستنام ولكن بجزء منها منفصل عنها " توبة " ... !
تضع الصغيرة داخل أحضانها .. ولسبب ما لم تستطيع النوم .. فقط تحدق النظر في سقف غرفتها .. ! في الوقت نفسه كان يجلس أخر علي مقعد سيارته يتحسس المقعد بيديه .. يتشمم رائحتها في المقعد .. يتخيل ثديها أمام عينيه .. تلك الصورة التي لم تفارقه منذ أن رآه بلا حجاب يحجبه عن عينيه .. !

*****    *****    *****
يرن هاتف " سماح " الساعة الواحدة بعد منتصف الليل .. فتذهب مسرعة فتجده رقم " نبيل " .. ! ( فترد بصوت متقطع من القلق .. !) ..
-         ألو ... ايوة يا مستر .. !
-         ايه يا " موحة " أخبارك إيه .. !
-         هاا
-         أنا قلت اتصل اطمن علي رجليكي .. معلش اتصلت في وقت متأخر بس كنت مشغول طول النهار وما أفتكرتش غير دلوقت يا حبيبتي .. بجد آسف .. !
-         لا لا خالص ..
-         علي العموم .. بلاش تيجي بكره .. علشان رجلك تخف خالص .. ومن يوم السبت إن شاء الله .. تنزلي .. !
-         مش عارفه والله أأقولك ايه .. !
-         ما تقوليش حاجه .. يلا اسيبك ترتاحي أنا دلوقت .. !
هنا تغلق الهاتف .. وتنظر فيه " موحه " .. و " حبيبتي " الاتنين في يوم واحد .. !
هيقولي عايز يتقدم أمتي بقي .. ؟ .. ده أنا طلعت جامدة وانا مش واخدة باللي ..
تنظر علي " اللاب توب " فتجد رسالة من " محمود "
-         مش هتكمليلي حكايتك مع " يوسف " اللي كنتي بتحبيه ده .. ؟
-         يوسف إيه أنا دلوقت في حكايه تانية خالص .. !
-         طيب هاتي رقمك تعالي نحكي فون .. !
-         نعم ... ! انت بتهزر .. ؟
-         ليه لأ .. ما احنا كده كده بنحكي .. وانا يا ستي اللي هتصل .. ثم هيفرق إيه يعني ما كده كده بنتكلم .. بس اريح أيدي وجعتني من الكتابة .. !
-         حظك ان حالتي المزاجية رأيقه جدا ً .. علشان كده هديك رقمي .. !
-         أموت فيك وانت رايق .. ! هاتي الرقم بقي علشان اوريكي أغرب لعبه سحريه ممكن تتخيليها .. !
-         ازاي .. ؟
-         أكتبي رقمك .. وفي ثواني هتلاقي رقمي ظهر علي موبايلك ... !
-         تصدق أنا فصلت منك .. انت اهبل ياابني .. ؟؟
-         خلاص .. هاتي الرقم .. خساره فيكي السحر .. !
ترسل هاتفها إليه .. وما هي إلا لحظات ويتصل بها ..
-         معقول صوتك بالحلاوة دي .. ؟
-         انت يا عم الكهين ... وبعدين معاك .. !
-         المهم كمليلي حكايه " يوسف " وبعدين ..
-         بص دلوقت أنا مبسوطه جدا ً .. بلاش تنكد عليا ..
-         ايه سر السعاده .. معقول ده كله علشان سمعتي صوتي .. لو كنت اعرف كده .. كنت طلبت رقمك من زمان يا ستي .. !
-         بس ياموكوس .. الفكرة ان مديري أداني بكره أجازة ..
-         وفي حد أصلا ً بيشتغل الجمعة ..
-         آه أنا ...
-         ده بس اللي مفرحك يعني .. ؟
-         لا والصراحة حساه مهتم اوي بيه .. تعرف البنات عندي في الشغل بتبقي هتموت من الفرح لو بص ليها بس ... بيجروا عليه اول ما يجي ..
-         طيب وانتي .. !
-         بعمل نفسي مش شيفاه اصلا ً ..
-         يا جامد انت ... أنا من أول يوم كلمتك فيه وأنا حاسس انك جامدة ..
-         لا و واحدة بتقولي أديله اهتمام .. ممكن يديكي " تبس متين جنيه " قولتلها والله مش محتاجه .. وهو حاول يديني كذا مره .. بس ما رضتش يا عم .. الواحد برضوا عنده كرامة .. !
-         يوم عن يوم يا بنتي احترامي ليكي بيزيد .. !
-         ربنا يخليك .. يا حوده
-         وكمان بتدلعيني .. أيه الهنا ده
-         صحيح انهارده لقيته بيقولي يا " موحه " .. !
-         نعم .. !! وانتي قولتيله ايه .. ؟
-         قولتله " موحه " مين ؟؟
-         قاللي أنا آسف يا سماح .. واتكسف .. !
-         أيوة كده ... انتي أصلي .. !
-         عيب عليك يا ابني ..
-         صحيح هو عنده عربيه .. !
-         عربيه جامده جدا ً .. وشكله ابن ناس اوي ..
-         خدي بالك منه يا موحه ..
-         بتسأل علي العربيه ليه يعني .. !
-         من غير زعل .. واحد مبسوط زي دة مش بتاع جواز .. بيحب يلعب بـ احلام البنات ... !
-         علي نفسه يا بابا ..
-         ثم هو لو أتقدم ليا أنا مارضاش اصلا ً .. ده قرب علي الأربعين .. !
-        يا سلام ..
-         أكيد طبعا ً الفلوس مش كله حاجه ..
-        بجد كل يوم إعجابي بيكي بيزيد ..
-        ربنا يخليك يارب ... يلا أنا هنام .. لحسن امي لو دخلت ولقتني بكلمك فون هتعلقني من شعري .. !
-        ( ضحكه بصوت عالي ) ماشي سلام يا فقرية .. !
-        سلام يا محمود
كأي علاقة فيس .. فقط نكن صادقين عندما نخبر الآخرين عن جراحنا .. أما غير ذلك فنتحدث بما نريد أن نرى أنفسنا فيه .. لا ما نفعله في واقعنا .. هذا الموقع بمثابة عالم آخر .. عالم افتراضي .. أشبه بحفلة تنكرية منهم من يختفي خلف " قناعه " منهم قناع سياسي  ومنهم قناع الفن .. ومنهم قناع الشعر والأدب  .. الخ الخ ... !

*****    *****    *****
يرن هاتف " إبراهيم " ويظهر رقم غريب ..
-        الو ..
-        ايوة يا " باشمهندس " أنا قولت افكرك اني مستنيك انهارده
-        اهلا ً وسهلا ً يا حج ..
-        والله أنا اتصلت بـ " يوسف " جوز بنتي وأخدت رقمك علشان أاكد عليك إني مستنيك .. !
-         والله يا حج مكنش ليه لازمه التعب ده كله بس .. علي العموم ان شاء الله ساعتين وهكون عندك يا حج ..
وبالفعل لم يمر أكثر من ساعتين حتى وصل إلي باب بيتهم .. يحمل علي يديه علبه من الحلوى مغلفه يبدو علي ثمنها انه باهظ من شكل العلبة .. فدائما ً إن أردت أن تظهر التمييز .. عليك أن تدفع الكثير فيما لا يستحق سوى القليل .. ! فقط لتبهر من حولك .. دائما ً ما يفعل تلك اللعبة من هم بلا قيمة ليظهروا أمام الآخرين أن قيمتهم تفوق ما يشتروا  كمن يشتري ساعة ليديه تتخطي الثلاثون ألفا ً .. هي ساعة كغيرها .. ستون دقيقه لا غير .. ولكن من يرتديها أشتراها ليقال عنه انه يرتدي ساعة فقط يفوق سعرها سيارة فلان .. !
وبالفعل دخل " إبراهيم " ليقابل بحفاوة شديدة .. وخاصة من أم مروة تلك الست المضيافة .. وما هي إلا لحظات حتى امتلأت السفرة عن أخرها بأشهى أنواع المأكولات البحرية .. !
-        إيه ده أنا متعود أتعشي جبنه وبيض .. حاجات خفيفة كده .. !
هنا ردت أم مروة ..
-        لا لازم تدوق دي عمايل إيدين بنتي " منى "
هنا فقط عرف سر اهتمام " أم مروة  " به ..  هنا عليك ان تعلم جيدا ً .. إن حاولت امرأة فوق الأربعين منحك أي شيء بلا مقابل أو تعاملت معك بأسلوب مبالغ فيه .. فـأعلم أن لها أبنه أوشكت علي الزواج .. !
ظل يأكل ويراقب " مروه " التي كانت تنظر ُ له هي الأخرى بنظرات مختلسة .. مع الوقت تجرأ عليها أكثر .. خاصة بعد لمسة يدها للوهلة ألأولى في السيارة .. تلك اللمسة التي كانت بمثابة " جس نبض " كما يقولون .. وعندما انتهى من أكله .. حاول أن يجامل أم مروة فقال ..
-        أنا اول مرة في حياتي أكل " سمك " بالطعامة  دي بجد تسلم ايدين الاستاذة " منى " .. !
كان لسان حال " أم مروه " وقتها .. ربنا يجعله من نصيبك يا بنتي ..
وبعد الانتهاء من شرب الشاي .. أخذه والد مروة إلي الطابق العلوي ليكون علي حرية أكثر ... أو ينام .. وبالفعل طلع إبراهيم إلي الشقة الثانيه .. وبعد نصف ساعة سمع طرقات علي الباب .. فتح فوجد كما ظن مروة وبيدها كأس عصير .. كان حجابها ملفوف بطريقه عشوائية .. فيكشف  نصف شعرها الأمامي .. المقسم إلي خصلات بين واحدة سوداء .. وأخرى بنية .. وترتدي " بنطلون أحمر ضيق " يظهر أدق تفاصيل ساقيها .. و " تي شيرت " أسود مطبوع عليه قلوب حمراء .. كان يصف جسدها وصفا ً دقيقا ً .. هنا آكلها " بعينيه " بينما هي كانت تكتفي بالابتسامة وهي تراه يبتلع ريقه من جمالها .. !
أخذ من يديها العصير .. وشكرها .. وعند التفافها للنزول صفعها علي مؤخرتها ... ! هكذا فعلها .. دون تردد دون تفكير .. بينما هي لم تتوقع ذلك فنظرت له بتعجب .. من ثم تحول التعجب إلي خجل .. من ثم ابتسمت ونزلت .. وكأن شيء لم يكن ... ظل ممسكا ً بكوب العصير بيديه يتأمل جسدها وحركاته في النزول .. وعندما اختفت من أمامه رفع كوب العصير علي فمه مره واحده ... فـ انزله فارغا ً .. !
هنا حاول أن ينام علي سريره ولكن صورتها دائما ً كانت أمامه .. فسأل نفسه لماذا تريدني .. ويوسف أجمل مني بكثير .. ويعاملها بكل لطف .. يحاول أن يرضيها بكل الأشكال .. ولكنها فراغه العين ليس إلا .. !  فوحدها ما تجعل من أنثي صالحه زوجه خائنه .. ! وأنا أيضا ً مثلها خائن .. ولكن كيف أتحمل هذا الجمال .. ! ليتني ما اشتريت لها العصير في تلك الليلة .. !

*****    *****    *****
يدخل " يوسف " منزله .. فلا يجد سوى أمه نائمة علي الأرض .. " بينما " التليفزيون " يعمل علي قناة القرآن الكريم .. فعندما تشعر أمه بوجوده تستيقظ .. وتحاول النهوض ..
-        تعالي يا حبيبي .. أجهزلك آكل .. ؟
-        لا يا ست الكل أنا شبعان .. بس ايه اللي منيمك علي الارض كده بس .. ؟
-        مالها يا ابني بس الارض .. ما احنا منها .. ورايحين لها .. !
-        بعد الشر عليكي .. ربنا يديكي طوله العمر ..
-        أعملك شاي طيب ..
-        لا يا امي ولا اي حاجه .. ربنا يخليكي ..
-        تصدق يا " يوسف " الشقه من غير مروة وبنتك مالهاش حس .. كانت عامله حس العفريته الصغيره بعياطها .. هما زمانهم في الطريق دلوقت بيوصلوا عمي .. وبعد كدة " إبراهيم " هيجبها علي هنا إن شاء الله
-        ابن حلال إبراهيم ...
-        أوي أوي يا ماما ..
-        بس انت جيت بدري انهاردة يعني ..
-        لا أنا جاي اخد حاجات وراجع تاني .. هرجع متأخر انهارده ..

*****    *****    *****
علي أبواب المطار تودع مروة والدها  بحضن عميق  .. وبعض الدموع التي تدل علي الحب والاشتياق والافتقاد .. في نفس الآن .. !
ركبت السيارة " مروة " والملاك الصغير " توبة " .. وقبل ان يتحرك بالسيارة نظر في عينيها ثم قال لها ...
-        تعرفي أنك جميله أوي وانتي بتعيطي .. ؟
هنا يتحول بكائها لضحكه ممتزجة بالخجل .. !
-        لا بجد مش بهزر .. انتي فعلا ً جميله ..
-        بس بقي .. ( قالتها في خجل ) .. !
هنا أمسك بيديها .. وقبض عليها بـ أصابعه .. فـاحمر وجهها خجلا ً .. ذاك الخجل الذي يزيد من الانثي أنوثة علي أنوثتها .. فيتمادى الرجل في تخجيلها أكثر .. !
-        عايز رقم موبايلك ..
-        ليه .. ؟
-        علشان لما توحشيني أبقي أطمن عليكي .. !
-        يا مجنون ..
-        بجد .. هزعل ..
-        أزعل ..
هنا تسحب اصابعها من بين يديها .. فيشغل هو محرك سيارته وينطلق إلي منزلها .. ! 
وعند الوصول إلي بيتها .. يسألها مرة أخرى .. عن رقم هاتفها .. فتضحك ولا تجيبه .. حتى تنزل من سيارته .. من ثم تدخل رأسها من تلك النافذة الصغيرة .. وتقول له ...
-        رقمي عندك .. أنا اللي اتصلت بيك امبارح .. وبابا كلمك علشان يأكد عليك تيجي تبات عندنا .. !
-        يا بنت الإيه ... بقي رقمك معايا ومدوخاني من الصبح .. !
-        الشىء إلي بيجي أصعب .. بيكون طعمه أفضل .. !
-        ماشي يا مروة ..
-        تعبناك معانا يا باشمهندس ...
-         والله من ناحية التعب .. فأنا تعبت اووي  ..
تودعه علي باب منزلها .. من ثم ينصرف هو بسيارته .. شيء فـ شيء حتى يختفي من أمامها نهائيا ً .. فتدخل المنزل علي ذراعيها " توبة " وعلي كتفها " حقيبتها " كما ذهبت .. ولكنها غادرت بوفائها لزوجها .. وعادت بدون وفائها .. عادت بشيء جديد هذه المرة .. يسمى الخيانة
وفي المساء ... يأتي " يوسف " مهرولا ً إلي المنزل يقبل زوجته .. ويقبل يد أبنته .. ويسألهم عن الرحلة ... وكيف كان الطريق معهم .. !

*****    *****    *****
يتصل " محمود جمال " بـ " سماح " ولكنها لم ترد .. فيرسل لها رساله علي النت " انتي فين " .. !
ولكن يأتيه الرد بعد ساعه ..
-        أنا لسه داخله البيت حالا ً ..
-        ما بترديش علي الموبايل ليه طيب .. ؟
-        والله لما بشتغل بشيله في " درج " هناك .. علشان مش بعرف أرد
-        ولما خلصتي شغل .. وبصيتي فيه .. ما اتصلتيش بيا ليه .. ؟
-        والله مش معايا رصيد .. حقك عليا بجد ..
-        المهم انتي اخبارك ايه .. ؟
-        الحمد لله تمام ...
-        مش هتكمليلي بقي حكايه صاحبك إياه .. ؟
-        صاحبي مين .. ؟
-        " يوسف "
-        أنت ليه شاغل بالك أوي بالموضوع ده .. ؟
-        معرفش .. حاسس أنه مأثر فيكي اوي .. علشان كده حابب أسمع تفاصيله منك ..
-        بص .. " يوسف " ده كان جرئ فوق الوصف .. !
-        ازاي .. ؟
-        مرة كنا عند عميل تبعه سوا .. وإحنا نازلين علي السلالم راح ضاربني علي ظهري وضاحك .. !
-        وإيه الجرأة في كده يعني .. !
-        لا أنا أصلا ً مش متعودة حد يلمسني .. !
-        يعني خابطك علي ظهرك بس .. مش علي حاجه تانيه .. ؟
-        حاجه زي ايه يعني .. ؟
-        معرفش ... أنا اللي بسأل ..
-        بس يا سيدي .. وبعد كده كنا ماشيين طلب يمسك إيدي مره .. !
-        بس كده .. ؟
-        مسكها .. وطول في المسكه ..
-        ( يا بخته )
-        اشمعني .. ؟
-        حد يطول يمسك القمر بإيديه .. !!
-        يلا يا بكاش .. أنا هقوم دلوقت لأني لسه راجعه ميتة .. ويدوب فتحت أسلم عليك ..
-        ماشي .. وبلاش تغيبي عليا كده .. وامبارح كنتي اجازة وما كلمتنيش خالص .. !
-        النت كان فاصل .. ومكنش معايا رصيد .. ما أنت عارف بقي .. مش قولتلك .. !
-        ماشي .. اما أشوف اخرتها في الحجج دي .. !
-        ماشي .. باي
-        باي ...

*****    *****    *****

علي مدار أسبوع .. أصبح يتصل تقريبا ً بها يوميا ً .. ويختار الموعد المناسب .. فهو أفضل من يعرف مواعيد زوجها .. وأحيانا يتصل بها .. وزوجها أمامه .. !

*****    *****    *****
علي مدار هذا الاسبوع أصبح يتصل بها كثيرا ً " مستر نبيل " وتجرأ عليها لأبعد الحدود .. فلم يعد يناديها بـ اسمها .. فقط " حبيبتي .. وقلبي وروحي .. وعمري .. ! "
اما عن " محمود جمال " فكان حديثها معه مسجات بسيطه علي الانترنت أغلبها يسأل عن أحوالها .. وهي ترد الحمد لله .. فالوقت الذي استحوذ " نبيل " فيه علي أغلب وقتها .. !

*****    *****    *****
يوم عن يوم تكبر " توبة " أمامه .. ويشعر بأنها هي البذرة الصالحة التي أصلحت من حال أبيها .. ويوم بعد يوم .. يتعلق قلبه أكثر بها ..
*****    *****    *****
تدخل المكتب علي مستر نبيل .. فيطلب منها أن تغلق الباب خلفها .. ويخرج من جيبه " العملة المعتادة " ولكن في تلك المرة ينهال علي صدرها فيتحسسه بيدين متعطشتان .. ويقبلها .. قبله طويلة من فمها .. فـاستسلمت لما يفعله وذابت معه في قبله .. وبعد ذلك أصبحت تهمل العمل إلي أبعد حد  .. تأتي متأخرة .. وتغيب كثيرا ً .. وهو يوهم الجميع بأنه يخصم عليها من المرتب كل ذلك .. بينما مرتبها ربما يصل إلي مرتب ونصف من الفتيات التي لا تتغيب يوما ً واحدا ً في الشهر .. !
في كل يوم جديد .. تتوقع أن يطلب يدها للزواج " نبيل " .. ولكنه في كل يوم يزداد جرأه عليها فقط .. !

*****    *****    *****
يتفقد " يوسف " بطاقته وبعض الأوراق المهمة فيتذكر أنه بدل ملابسه .. وربما نسيها في السروال الأخر .. أو سقطت منه .. هنا " يتصل " بزوجته .. ولكن يجد بطارية هاتفه " فارغة " .. !
( وكأن القدر يرتب لشيء ما .. )
يذهب إلي مكتب " إبراهيم " ..
-        بقولك يا " باشمهندس " أديني موبايلك اعمل منه مكالمة .. لحسن موبايلي فصل شحن .. !
أعطاه هاتفه دون أي تفكير .. فهو مشغول مع أثنين من زملائه في الموقع يشرح لهم وجهه نظره في رسومات ما ..
بالطبع هو حافظ رقم زوجته .. فيكتبه سريعا ً .. ويضع الهاتف علي أذنيه دون أن ينظر إلي الشاشة .. فلو نظر لوجد ان الرقم مخزن بالفعل في ذاكرة الهاتف .. ! هم ليسو حمقى .. ولكن القدر إن أراد أن يكشف خائنا ً .. أعمى عقله .. !
يتصل بزوجته .. ويتمني من الله أن ترد .. فهي لا ترد علي الأرقام الغريبة كما يعلم هو عنها ... !
ولكنها تخيب ظنه وترد .. من الرنة الثانية ..
-        ايوة يا حبيبي عامل ايه ... وحشتني .. !
هنا لم يستطيع الرد .. كل ما فعله هو الصمت .. والذهول .. الصوت .. صوت زوجتي .. فنظر إلي الهاتف فوجد رموزا ً بدلا ً من رقم كانت حروف هكذا " م ع ش " وزجته تسمى مروة عادل الشريف .. ظل يستمع إلي صوتها للحظات .. من ثم اغلق الهاتف . ولكن ظلت أخر كلماتها ترن في أذنيه .. ( إبراهيم أنت مش سامعني ولا ايه .. ؟ )

*****    *****    *****
بعدما أنهت عملها .. غادرت كباقي الفتيات بـ استثناء " مدام رباب " فهي سوف تنتظر لتراجع بعض الحسابات مع " مستر نبيل "... 
تركب " سماح " الميكروباص .. فتتحسس ملابسها .. فلا تجد هاتفها .. هنا تصرخ للسائق ..بأن يتوقف .. فقد نسيت هاتفها في المحل .. تدخل فجاءه .. فتجد " مدام رباب " في وضع حميمي مع مستر نبيل .. تتبدل ملامح " رباب " عندما ترى ان " سماح " كشفتها وهي تقف نصف عارية .. تمارس الرذيلة مع شاب ربما هو أصغر منها عمرا ً .. بينما هو يكتفي بـ أبتسامة صفراء باهته .. ويغلق سحابه سرواله بكل برود ...
-        خير يا سماح .. ؟
-        مفيش نسيت موبايلي ..
تأخذ موبايلها من علي المكتب ... وتغادر علي الفور ..
هنا ترتعب " رباب " ..
-        يالهوي .. يالهوي .. أنا رحت في داهيه البت هتفضحني بكره ..
-        ايه انتي هتندبي .. محصلش حاجه لكل ده .. !
-        أنا خايفه اوي .. !
-        قولتلك ما تخافيش .. !
خرجت من المحل ويعتصر قلبها .. كيف فعل ذلك .. ؟
ألم تشبعه هي .. ؟

*****    *****    *****
هنا يحدث حاله " يوسف " لماذا فعلت هذا .. ألم أشبعها أنا .. ؟
يذهب إلي البيت متاخر جدا ً خشيه أن تكتشف من معاملته انه كشفها .. فيظل سهرانا ً علي ضفاف النيل يفكر في حيلة .. ! حتى توصل لحيله جيدة .. فهو برغم ذلك مازال بداخله صوت يردد " لا تظلمها " هي بريئة .. !
*****    *****    *****
في اليوم التالي .. تدخل " سماح " المكتب علي نبيل .. وتسأله بكل جرأه
-        ممكن اعرف أنت كنت بتعمل ايه أنت " ورباب " امبارح .. ؟
-        زي ما كنت بعمل معاكي .. يعني مش عارفة .. ؟
هكذا قالها بكل برود ...
-        وانا ما تخيلتش شكلي ازاي وانا شيفاك كده .. ؟
-        وانتي ايه يضايقك في كده اصلا ً .. !
-        والله أنت شايف ان اللي حصل ده ما يضايقنيش .. ؟
-        انتي لا مراتي ولا خطيبتي .. !
-        انتي واحدة يدوب شغاله عندي .. !! بلاش تنسي نفسك يا " سماح "
-        أنا عايزة اجازة يومين ..
-        هيتخصموا عليكي بـ أربع أيام .. !
-        ماشي موافقة اي حاجه .. حتى لو هيتخصموا خالص .. المكان هنا ما بقتش استنضف أشتغل فيه اصلا ً .. !
-        بلاش انتي تتكلمي عن النضافه .. وأتفضلي من غير مطرود ..!
هنا قلبها يتمزق من الطعنه الثانية .. هنا تتذكر " محمود جمال " وكلامه .. لماذا غضبت إذا منه عندما اخبرها انه يريد جسدها .. !
فمن سيعرف الرجال سوى أمثالهم من الرجال .. !
تخرج من عنده ودموعها تملئ خدها .. حبيبان في شهر .. كلاهما نظر إليها نظرة العاهرة .. !

*****    *****    *****
يستيقظ من نومه ويرتدي ملابسه ..
-        مروة أديني موبايلك يا حبيبتي وخدي موبايلي .. علشان موبايلي فاصل شحن .. نسيت أشحنه من امبارح .. هبدل الخطوط ..
-        ماشي يا حبيبي أعمل اللي يريحك ..
يبدل الخطوط .. ويأخذ هاتفها .. يذهب إلي مركز لصيانه الهواتف .. ويسأله عن برنامج لتسجيل المكالمات .. فيخبره بـ اسم برنامج سهل الاستخدام .. ويسجل بكل سهولة .. ويحفظ المكالمات أليا ً ..

*****    *****    *****
تخرج " هاتفها " من الحقيبه .. وتتصل " بمحمود جمال "
فيرد محمود ضاحكا ً ..
-        عاش من سمع صوتك يا قمر ..
-        ( ترد باكية ) .. محمود حاول تفتح النت أنا محتاجه أتكلم معاك جداً
-        مالك يا بنتي في ايه قلقتيني عليكي ..
-        لما اروح هحكيلك .. !

*****    *****    *****
يعود للمنزل " يوسف " ويبدل خطوط الهاتف مع زوجته مرة أخرى .. ويحاول ان يهرب من وجهها ليمنحها فرصه للتحدث في الهاتف .. هنا يردد قلبه " انها مظلومه " بينما يردد عقله " من لا يرى من الغربال يكن أعمى " .. !
*****    *****    *****
تدخل غرفته .. وتغلق الباب .. من ثم تتصل بمحمود ..
-        أنا فاتح النت ومستنيكي اهوة ..
-        لا هنتكلم " فون " أفضل ..
-        إلي يريحك في ايه بقي .. ؟
-        الراجل اللي كنت شغاله عنده " طلع وسخ اوي " .. !
-        عمل ايه بس .. ؟
-        انهارده في المكتب حاول يلمس جسمي ..
-        يانهار ابوه اسود .. وعملتي ايه .. !
-        ابدا ً .. هزقته طبعا ً وسيبت الشغل ..
-        أنا كان قلبي حاسس ان الراجل ده مش مظبوط من زمان مش عارف ليه .. !
-        كان معاك حق .. !
-        ولا تزعلي نفسك يا ست البنات .. بكره تلاقي شغل أحسن منه ..
-        ولا شغل ولا زفت أنا حاسه ان كل شغلانه بيجي من وراها طمع الرجاله بس .. !
-        ربنا يكرمك بـ حد ابن حلال يتجوزك ... !
-        هو فين بس .. !
-        أحم أحم ..
-        يا شيخ اتنيل .. !
-        أنا بتكلم جد .. أنا يوم عن يوم احترامي ليكي بيزيد اوي .. وفعلا ً متعلق بيكي جدا ً ..وبتجنن لما بتبقي مشغولة وتطنشيني ..
-        أنت بتتكلم بجد .. !
-        انتي ورتيني صوره من مده مكنتش واضحه خالص .. ممكن اشوف صوره حلوة ليكي .. ؟
-        هبقي ابعتلك صورة جديده .. أنا بثق فيك يا محمود ... بس ياريت ما تخيبش ظني زي اللي قبلك .. !
-        عيب عليكي .. انتي بتكلمي راجل .. !

*****    *****    *****
في اليوم التالي يستيقظ في الثالثه فجرا ً " يوسف " يتسلل إلي البلكونه ويأخذ هاتف " مروة " من ثم يضع " الهاند فيري " في أذنيه ..ويبحث في سجل " برنامج التسجيل " .. فيجد مكالمه واحده .. وكما توقع بالفعل .. ضغط علي تشغيل .. هنا سمع صوتها تقول " الو " وفصلت بطارية هاتفها .. كاد ان يكسر الهاتف . فدقيقتان كفيلتان بـان تسكن روحه .. وتطفئ ذاك البركان الجاثم علي صدره بالداخل .. يحاول أن يبحث عن الشاحن .. فتستيقظ " مروة " فيلقي بالهاتف علي الطاولة ...
-        أيه ده أنت لسه صاحي يا حبيبي ..
-        ( ابتسامه صفراء ) لا يا حبيبتي .. كنت في الحمام بس  

*****    *****    *****
يفتح " الفيس بوك " فيرى وجهها .. فيشهق من جمالها وأنوثتها .. ويطلب منها موعد في الغد .. فتوافق علي الفور .. فترتدي الزي الأسود نفسه أما عن الكعب فقد كان هذه المرة أقصر قليلا ً .. ! 
وبالفعل قضى يوما رائعا ً معها .. وطلب منها أن يتقدم لها .. فعاد إلي ذهنها الفستان الأبيض من جديد ... كفاها حماقه وحب بقلبها .. فلا يوجد حب برئ .. من يحبك بصدق من يذهب لباب بيتك .. لا يقبل ان يقبلك في ظلمه ليل .. كيف سيحافظ عليك من الناس .. وهو لم يستطع ان يحافظ عليك من نفسه ... ! هنا توافق بالفعل وتحدد موعد ليقابل أمها ..
*****    *****    *****
لم يستطع التهرب من " مروة " والاستماع إلي المكالمة .. فياخذ هاتفها مرة اخرى .. ويترك لها هاتفه بخطها .. وأثناء سيره في الطريق .. يتصل " إبراهيم " بها .. فترد ..
-        أنت بقالك 3 ايام مش بتتصل خالص .. في ايه مالك ..
-        مشاغل والله ..
-        لا والغريب اتصلت من كام يوم .. وفضلت أأقول " الو " لكن محدش رد .. !
-        أمتي ده .. ؟
-        يوم الثلاث العصر ..
-        لا لا خالص .. !
-        أنت متأكد ... !
-        أفتكررررت .. !
-        خير .. !!
-        ده جوزك .. !
-        اييييييييه ... ؟
-        ممكن يكون شك في حاجه ... ؟
-        ده مش ممكن .. ده أكيد .. أنا فهمت دلوقت هو بقاله يومين متغير ليه .. ! يالهوووي .. يالهوووي .. !
-        بس ما تخافيش .. لحد دلوقت مفيش شيء أكيد لسه .. !
يدخل " يوسف " على "  إبراهيم " مكتبه .. ويسأله .. ؟
-        لييييه ... ؟ ليه مراتي .. وليه أنا .. ؟ أنت مفيش عندك أي دم .. ؟
-        أنا ما أجبرتش مراتك علي حاجه .. هي اللي كانت بتجري ورايا ..
تلك الكلمة التي قتل بها أنثي بالأمس .. قتل هو بها اليوم " ألم يكن كل شيء بإرادتها .. ؟ "
وكأن تلك الكلمة أخرست " يوسف " .. فلم يشفي غليله من صديقه سوى صفعه علي وجهه .. ولكن بلا أي مقاومه من الآخر .. !
يركب سيارته ويغادر إلي منزله علي الفور .. فيجد " مروة " في قمة رعبها .. فدائما ً وقوع البلأ أشد من انتظاره .. ! فضربه له أو حرقه أو دفنها حية ... خير لها من أن تنتظر للحظه رد فعله تجاهه الغامض
يدخل عليها والشرر يتطاير من عينيه .. فتحاول أن تأخذ الطفلة وتهرب من أمامه إلي غرفه النوم وتغلق الباب عليها هي وطفلتها .. ولكنه كان أسرع .. فلحقها قبل أن تغلق الباب فلكمها لكمه قوية في وجهها أسقطها أرضا ً .. وأسقط الطفلة من بين ذراعيها .. فلم يكتفي بذلك وظل يصفعها أكثر .. وأكثر علي وجهها .. تكاد تكون ماتت .. ولكنه يستمر في ضربها حتى ولو كانت جثه .. هو يضرب ليرتاح .. لم يجعله الغضب ينتبه لـ ابنته التي قطعت النفس بجوار أمها ..

*****    *****    *****
تم الاتفاق مع أسرة " سماح " .. وأسرة " محمود جمال " علي أن تكون " الشبكة " يوم الخميس القادم .. أي بعد سبعه أيام .. وان يتم التجهيز لحفل كبير .. وترتدي العروس فستانا ً أبيض عاشت حياتها كلها تحلم به .. !

*****    *****    *****
بعد ثلاثة أيام ....حاله الطفلة في خطر .. في المستشفي
وطلق " يوسف " زوجته مروة ..

*****    *****    *****
أتفق العروسين علي كل شيء .. فلم يتبقي سوى ثلاثة أيام علي الزفاف

*****    *****    *****
يوم الخميس .. في العاشرة مساءا ً ..
رقصت " سماح " هي وعريسها الذي رأته في المنام ولكن في تلك المرة مكتمل الملامح .. رقصوا علي الأغنية الشعبية " يابا توووبة "

*****    *****    *****
خرج الطبيب .. ليخبرهم ان الطفله فارقت الحياه ..
هنا صرخ " يوسف " ..
-        تووووووبة ... ! أنا قتلت بنتي .. !!
هنا تلطم " مروه " علي وجهها . أنا السبب .. خربت بيتي وموت بنتي .. أنا السبب .. !
يعلو الصراخ في المستشفي ... ويكسو الحزن الأسرة ..
بصرخات تردد -  " تووووبة "

*****    *****    *****
هنا يتراقص جميع المعازيم .. وتعلوا أصوات الضحكات .. !

*****    *****    *****

" مخطئ هو من ظن أنه يستطيع أن ينهى ماضيه في لحظه .. فدقه بدقه "

_ تمت_
                                                                                                                                                               إسلام سامي
                                                                                                                                 25/5/2014

مخطئ هو كل من ظن أن تلك نهاية " سماح " أو نهاية " مستر نبيل " أو كل مذنب في الحياة .. الجميع سيدفع ثمن هفواته ولكن وقتما وكيفما يشاء الله ..

مراجعة لغوية / الأستاذة آية رفعت








































هناك 9 تعليقات:

  1. جميله اوي يا اسلام

    ردحذف
  2. بالتوفيق مع انى بش بحب اقراء من الجهاز بس الى الامام

    ردحذف
    الردود
    1. ان شاء الله قريب هتشوفي شغل ليا في جرايد و كتب في المكتبات :]

      حذف
  3. حلوووة جدااا فعلا كما تدين تدان

    ردحذف
  4. بص مبدئيا جميل الدمج بين الحكايه ف اﻻول والحيره واللغبطه الي أشبه بمحمد صالح ف هيبتا.
    واﻻجمل طريقتك ف الكتابه.
    ف كﻻمات اتحفرت ف زاكرتي صعب انساها.
    واكيد بختلف معاك ف نهاية سماح زيي كل الناس مشكلتها انها متهيألي ماعندهاش حتة انها تتربا ع المحافظه ع نفسها الموضوع سهل عندها وسريع يعني خرجت من قصه دخلت ف التانيه والتﻻته بسرعه ودا دليل ع سزاجتها وحماقتها ف نفس الوقت.
    كالعاده عشت جوا القصه والنهايه مابتقلش اﻻ كما تدين تدان والخيانه عمرها ماتجزئت بين متجوزه او ﻻ ﻻن ف اﻻخر اﻻتنين بيهينو نفسهم.
    بعد احترامي ليك واختﻻفي القصه حلوه اوي.Hum Tum

    ردحذف
    الردود
    1. للاسف كله فاكر ان نهايه سماح حلوة ... نهايه الانسان موته ... سماح زيها زي يوسف لازم تدفع ثمن اللي عملته .. لان نهايه يوسف مكنتش جوازه وانع أنجب #توبة .... ده اللي كنت عايز اخدكم ليه كللللللللللنا دون استثناء كما ندين ندان لازم نفهم ده من غير ما اكتبه في القصه .. كنت حابب المعني يوصل أكتر وتفهموه :] شكرا ً جدا ً لكلامك الجميل :]

      حذف
  5. روايه رائعه ملخصها كما تدين تدان بس النهايه حزينه اوي ليوسف البدأ في الالتزام والاستقرار ومفرحه لسماح الحياتها بدأت بالكذب الروايه رائعه شدتني كتير واسلوب الكتابه والجذب في سرد الاحداث رائع من الممكن ان تكون احداث مسلسل نشاهده علي التليفاز

    ردحذف