غربتي ..







ألمقدمه
عزيزي القارئ بين يديك قصه لـ أحداث واقعيه عشتها .. ولازلت ُ أعيش تفاصيلها إلي الآن ..
أحببت ُ أن تشاركوني تلك الذكريات .. وأذكر نفسي بها .. !
فدائما ما تذهب الأيام .. ولكن تبقي الذكريات عالقة في الأذهان بين حلوها ومرها , فتجد نفسك تتذكر أياما ً سعيدة تبتسم لا إراديا ً .. وهناك بعض الأيام سيئة تود لو انك تستطيع محوها من الذاكرة " بالتأكيد محال " .. !
أحببت ُ أن أكتب ألقصه بعد مرور عدة أشهر علي تواجدي بدوله الإمارات العربية المتحدة ..
إسلام سامي احمد
12/6/2013
اليوم هو الأربعاء الموافق 12/6/2013 م .. أتواجد الآن بمنطقه الاتحاد بدبي .. أجلس علي ضفاف البحر في الساعة الثامنة والنصف مساءا ً متذكرا ً كيف مضت الشهور الأولى في تلك البلد .. !!
ولكني سـوف أبدأها من مرحله ما قبل السفر وكيف كان شعوري وقتها .. !
·          مرحله ما قبل السفر
أنا ذاك الشاب المصري البالغ من العمر عامه الرابع والعشرين ..
أنا ذاك الشاب الذي أحب بلاده ولم يعلم لم عليه أن يحبها , ولكنه وجد نفسه يجب عليه أن يحبها فــ أحبها .. !
أنا ذاك الشاب الذي شهد تغيرا ً في البلاد وتغيير رئيس وبنا لنفسه أمالا ً في بلاده تتخطى الحدود .. !
كل ما تمنيت ُ في هذا العمر لنفسي ليس سوى وظيفة محترمه أكسب بها قوت يومي بالحلال .. !
وأما ما تمنيت ُ لبلادي فان تكون دولة لها هيبة تحترمها الدول .. كي تحترمنا الشعوب خارج بلادنا ..
أنا من عاصر الثورة وبنا أمالا ً سرابية .. وعاش أحلاما ً خيالية .. وكان يتحدث عن بلاده بمثالية .. !
ولكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن .. فقطعت الشراع ومزقت كل مركب يسير .. فلم يتبقي مركب كي نحمل عليها أحلامنا .. !
فقد انهارت شركات مصريه .. وبدأت البلد في دخول نفق مظلم كلما وجدت ُ فيه شعاعا ً من النور وتقترب منه .. لا تجده سوى سراب .. !
من ثم نبحث عن غيره .. فنجده أيضا ً سراب .. ! حتى فقدنا الأمل في كل شيء .. هكذا هو حال أغلبية الشباب المصري ألان ..  وأنا منهم .. !
فأنا سعيد الحظ لأني وجدت ُ عملا ً بعد تخرجي بعدة أشهر في أحدى الشركات براتب جيد جدا ً .. ولكني عندما بدأت في بنايه مستقبلي .. كانت النتيجة تصفيات في الشركة لأغلبية موظفيها .. !
ومن هنا انقلب كل شيء رأس علي عقب .. !
فتحول حبي لبلادي إلي بغض لكل شيء فيها , فبعدما كنت أطمح في وظيفة أفضل أو منصب أعلى .. أصبحت ُ أبحث عن عمل من جديد .. !
هنا راودتني فكره السفر والعمل بالخارج .. ولكن وجدتها أنانيه .. فأنا الولد الوحيد في أسرتي .. علي التواجد بجوار أسرتي وإخوتي البنات وبعد عدة أشهر .. بعدما تركت ُ فكرت السفر من ذهني عاد قريب لي ليقترح علي السفر إلي الإمارات .. فهناك عمتي وزوجها وأولادها .. ولكني في البداية رفضت الفكرة .. مرددا ً ماذا سوف اعمل هناك .. ؟
وخاصة أني كنت أتخوف من السفر .. لان أصدقائي المغتربون يحدثوني علي الانترنت ويشكون لي كيف تمر أيام ألغربه عليهم وخاصة فترات المرض .. ولا أحد يعتني بهم .. !
وكيف يعانون من الوحدة .. ولا أحد يحمل هم أحد .. !
ولكن بعد تفكير عميق .. قررت ُ أن أسافر كي أبحث عن ذاتي التي فقدتها وسط الكبوات التي تمرُ بها بلادي .. !!
ولكن كان بداخلي أيضا ً حب السفر وتجربه الغربة .. وركوب الطائرة ورؤية العالم من أعلي .. فالطيران في حد ذاته متعة .. !
وبدأ كل شيء سريعا ً حتى أتممت ُ كل الأوراق المطلوبة .. وحجزت ُ ترانزيت كما نصحني أبن عمي كي أستمتع بركوب الطائرة مرتان بدلا ً من مرة واحدة .. وفعلا ً أخذت ُ بنصيحته التي رآها البعض جنونا ً .. فـأتذكر تفاصيل ذاك اليوم وكأنها أمام عيني .. فهو أخر يوم لي مع أسرتي .. قبل أن أمضي إلي المجهول الذي لا أعلمه .. !!
أخذ يودعاني أهلي عند المطار .. مع قبلات وأحضان منهما لتوديعي .. !
وما هي إلا لحظات فوجدتُ نفسي وحيدا ً ليس مع سوى حقيبتي التي أحملها .. ولكنني كنت ُ في غاية السعادة أتطاير فرحا ً وأموت شوقا ً لما سأفعله وما أراه .. !
فما هي إلا دقائق قليله .. وأمضي إلي بلد أخرى أقل ما قيل في حقها رائعة .. ! كنت ُ مرتديا ُ يومها بذله أنيقة .. ربما هي أفضل ما ارتديته في حياتي إلي ألان .. وكنت ُ حليق الرأس أحمل بيدي اليسرى حقيبة الحاسوب الشخصي " اللاب توب " واسحب بيدي اليمني حقيبة ملابسي .. وأحمل في وجهي ابتسامه يتبعها قلق بعض الشيء يزداد كلما أقترب موعد ركوبي للطائرة .. يومها وجدت ُ عدة اتصالات من البعض لم أكن متوقعا ً اتصالهم .. ولم يتصل بي البعض برغم انتظاري لمكالمتهم .. !
ولكني ختمت ُ أخر مكالمة مع والدتي التي استمرت في الحديث معي حتى داخل الطائرة  .. ولكن إثناء حديثي في الهاتف كانت دائما ً تلفت انتباهي فتاه جميله .. من ثم أخذتني المضيفة بـ ابتسامه هادئة إلي مقعدي بجوار شاب مصري أسمه أحمد .. الذي بدأ عليه التوتر كلما أقترب موعد إقلاع الطائرة .. فهو كان يجلس علي يساري وكنت أجلس أنا علي الكرسي الأوسط .. بينما الكرسي الذي علي يميني لم يجلس عليه أحد إلي ألان .. وبدأ أحمد بالحديث معي والتعارف وما هي إلي لحظات حتى وجدت ُ تلك الفتاه التي جذبت انتباهي قبل ركوب الطائرة هي صاحبه المقعد الأيمن .. !
فتبسمت ُ قائلا ً بعفوية " شكل ألسفريه باينه من أولها " ولكني بدأت أتوتر أنا أيضا كلما اقترب موعد أقلاع الطائرة .. ويزداد توتري كلما نظرت ُ إلي أحمد صديقي .. ولكني أضحك متذكرا ً فيلم " فول الصين العظيم " فكان يحضرني بشدة مشهد هنيدي وهو متوتر أثناء ركوبه الطائرة للمرة الأولى .. فكنت ُ أضحك كي أخفي توتري .. !
وقبل لحظات من تحليق الطائرة بدأت بالتعارف علي تلك الفتاة الجميلة التي عرفت ُ فيما بعد منها أنها الدكتورة مروة ذات الثلاثة وثلاثون عاما ً .. ولا أنكر بـ أنها خففت علي وحدة السفر والقلق وقتها .. نظرا ً لتفتح عقلها .. فقد أعجبت ُ تماما ً بشخصية تلك الدكتورة .. ومر ساعتين أو أكثر بجوارها ولكنهم مروا سريعا ً كـ دقيقتين لم أشعر بهم .. نظرا ً لحديثها الشيق .. وأخيرا ً قد وصلنا لمفترق الطرق .. فــ هنا قطر حيث تقصد الدكتورة مروة .. أما أنا فسوف أستكمل رحلتي عبر طائره تقلني من قطر إلي دبي . ! ربما لم أتجاوز الثلاثون دقيقة في مطار قطر .. حيث بدأت رحلتي الثانية إلي دبي فركبت ُ طائرتي الثانية التي كانت تكبر الأولي حجما ُ ربما هي ضعف حجمها .. ! لم أكن متوترا ً كالمرة الأولى .. ولم تكن الدكتورة مروة معي تلك المرة .. وكأن الله قد أرسلها لي في المرة الأولى كي تخفف عني قلق السفر .. جلست ُ تلك المرة بجوار النافذة .. ولكن الوقت كان مساءا ً فلم استطع الرؤية جيدا ً سوى أضواء خافتة تختفي شيئا ً فشيئا ً .. حتى صار حجم السيارة كالذبابة .. ووجدت ُ الأبراج والعمائر كأنها بيوت صممها الأطفال بلعبة المكعبات .. !!
وما هي إلي دقائق قد مرت سريعا ً حتى هبطت الطائرة بمطار دبي .. وأثناء خروجي إلي مطار دبي وجدت ُ وكأني هبطت ُ إلي دولة أوربية أغلب ما فيها ليسوا من سكانها أو مواطنوها .. فمعظمهم غرباء .. ما بين سائح وبين عامل .. ولكن الفلبينيين والهنود كأنهم هم سكان البلد من كثره عددهم .. ولكن من يقوموا بتخليص الأوراق داخل المطار مواطنون أغلبهم يرتدى عباءة عربية ومحددا ً للحيته .. والابتسامة علي وجوههم ..!
بدأت بتخليص أوراقي بعدما أخذت دوري .. فكل شيء وجدته منظما ً إلي أبعد الحدود .. وبدأ الشوق يزداد لعمتي وأولادها .. ويزداد حاله الفضول أكثر تجاه تلك البلد .. أريد أن اخرج سريعا ً كي أرى تلك البلد .. التي بها أبراج ناطحات سحاب لم أراها من قبل سوى خلف شاشات التلفاز أو مواقع الانترنت .. ! يالله كان يدور برأسي أشياءا ً كثيرة وقتها ولكن ما هي إلا لحظات وقد وجدت ُ نفسي خارج المطار فسمعت ُ صوت ابنة عمتي تناديني .. هنا نظرت ُ فوجدت ُ عمتي ومحمود أبنها وأبنتها .. فلم أجد نفسي سوى بين أحضان عمتي التي اشتقت ُ إليها كثيرا ً .. فربما هي أخت أبي ولكن بمثابة أم لي أيضا ً .. ! ركبنا سيارة الأجرة .. وقد قصدنا مدينه " عجمان " تلك التي تعيش فيها عمتي .. اخذوا يرددون لي بعض العبارات الترحيبيه بينما كنت ُ أرد عليهم كانت عيناي زائغتان خلف زجاج السيارة .. أرى دبي تلك المدينة التي يقال عنها أوربا العرب .. ولكن لم أرى شيئا ً إلي ألان يذهلني .. فلم أجدها إلي ألان سوى مدينه من مدن مصر الحديثة وهي إلي ألان .. أقرب ما يكون من مدينة السادس من أكتوبر .. ولكني أعتقد بأن الوقت القادم سيكشف لي أوجه الاختلاف بين السادس من أكتوبر وبين دبي .. !!
وأخيرا ً وصلنا .. بعد 45 دقيقة تقريبا ً إلي منزل عمتي .. دخلت ُ المنزل فوجدت ُ جدتي التي كانت تنتظرني وتحدثت إلي فورا ً بعد وصولي المطار كي تطمئن علي .. ولكني سرعان ما طلبت ُ من عمتي العشاء لأن أكل الطائرة لا يسمن ولا يغني من جوع .. فسرعان ما أحضرت عمتي الطعام .. وكانت قد طهت " مكرونة بالبشاميل " لعلمها بعشقي لها .. وصراحة كانت من أشهى ما أكلت ُ من المكرونات , كان يوما ً شاقا ً وكنت ُ بحاجه للنوم العميق .. وبالفعل بعد ساعتين تقريبا ً قد ذهبت ُ للنوم .. لـ أستيقظ ثاني يوم علي يوم جديد .. كنت ُ متعطشا ً للخروج ورؤية الشوارع والسيارات .. وبالفعل أخذتنا عمتي إلي البحر كي نتناول وجبة الغداء في إحدى المطاعم المطلة علي البحر .. وكانت تلك أول خروجه لي فبدأ تركيزي في كل شيء .. فوجدت ُ الشوارع نظيفة بدرجة لا توصف ..
ووجدت ُ السيارات تمشي بنظام واحترام بعضهم .. وهنا قد وجدت ُ أول فرق بين مدينة السادس من أكتوبر وبين مدن الإمارات .. قد وجدت ُ سائقي السيارات تقف تماما ً لنا كي نعبر الطريق .. فقد وجدت ُ نفسي في أعينهم إنسان له حق عبور الطريق .. ! وهذا ما أفتقده في بلادي للأسف .. وسرعان ما أخذني محمود أبن عمتي ليجلب لي شاي يسمى شاي كرك .. فلم أكن اعرفه من قبل .. وكنت متعجبا ً من ذاك الاسم .. ولكني أحببت ُ أن أجرب ذاك المشروب الهندي الذي نصحني به محمود .. وبعدما تذوقته أعجبني بشدة حني أصبح ألان مشروبي المفضل  .. وبعد قضاء يوم جميل علي البحر والتقاط الكثير من الصور .. وقد أصبح إعجابي بتلك البلد يتزايد .. عودنا إلي المنزل مرة أخرى .. ! ولكن ما لفت انتباهي بالمنزل أنهم يشترون المياه .. وان مياه المنزل غير صالحه للشرب .. هنا حمدت ُ الله علي نعمه النيل .. !
  ولكن كان علي البحث عن عمل في أسرع فرصه .. فأنا لم أحضر إلي هنا للتنزه وحسب .. !
فالرحلة من البداية هي رحله للبحث عن الذات .. وبعد ثلاثة أيام قد انتقلت إلي سكن أخر بالقرب من منزل عمتي .. مع شباب مصريين أعمارهم متقاربة إلي عمري فسرعان ما شعرت ُ أني اعرفهم منذ مدة وسريعا ً ما انسجمت ُ معهم وكان أولئك أول أصدقاء لي فقد وجدت ُ فيهم " جدعنه المصريين " وكثيرا ً ما بثوا الحماس في صدري وأخبروني بـ أن طريق ألغربه ليس مفروشا ً بالذهب وليس بالطريق الهين .. !
وأخبروني بان الفترة الأولى دائما ً هي الأصعب .. وكل منهم تحمل في البداية ما لا يطاق أفضل له من أن يعود إلي بلده خاوي اليدين .. !
كثيرا ً ما أعجبت ُ بـ أرائهم .. واحترمت ُ وجهه نظرهم ..
فكانوا لي نعمه الأصدقاء .. وكان أقدمهم في السكن سامي وكان يعمل مدرسا ً للغة العربية و أحمد ويعمل مندوبا ً للمبيعات في إحدى الشركات .. وعلي كان يعمل في مطعم بعجمان .. وبرغم خفه دمهم جميعا ً إلا أن علي كان أكثرهم فكاهة وخفه دم .. !
كان ذاك شهري الأول أقضيه بين أولئك الأصدقاء وبين منزل عمتي .. !
كنت ُ دائم الخروج ليلا ً وخاصة بمنطقه البحر .. فيكون وقتي بين المشي علي الشاطئ أو دخول بعض المولات الكبيرة والكثيرة هناك .. !
ولكن يعيب تلك الدولة غلق المحلات بعد الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل .. وهذا يترتب عليه " لا حياه " بعد منتصف الليل والشوارع خاليه تماما ً .. وهذا ما أزعجني لان الليل هناك أجمل كثيرا ً من النهار كما أن الشتاء أجمل من الصيف .. !
وسرعان ما مر الشهر الأول سريعا ً بين بحث عن عمل وتسكع في الشوارع والمولات .. !
لم يتبقي لي ألان سوى بعض الأيام وتنتهي مده الزيارة التي مر منها ما يقرب من الشهر فقد أرسلت الكثير من السير الذاتية عبر البريد الالكتروني لكثير من الشركات ولكن بلا جدوى إلي ألان .. !
ومن هنا لم يكن أمامي سوى إحدى المطاعم العربية التي اخبرني شخص ما أنهم دائما بحاجه إلي عمال .. !
وبالفعل بدأت التحرك تجاه ذاك المطعم .. ثم تحديد مقابله واخبرني أثناء ألمقابله ما مجال دراستك فقلت ُ له : أداره أعمال ..
فقال : لست ُ بحاجه لـ أداره أعمال .. ولكني بحاجه لعمال " شيشة " أو ويتر ( نادل طعام )
دون تردد قلت ُ له : أنا موافق اشتغل ويتر .. !
ثم قال أتبعني .. فذهب وذهبت ُ خلفه .. من ثم دخلنا مكان كبير به كثير من الملابس و الاطعمه .. انه مخزن ..هنا نادى علي احد المتواجدين الهنود وطلب منه منحي يونيفورم " زى موحد خاص بالعمل " وبالفعل إعطاني واحدا ً وطلب مني أن ارتديه كي يتأكد من المقاس .. ثم اخبرني بـ انه مناسب لي .. ! ذهبت لــ أشاهد نفسي فوجدت ُ نفسي أشبه بدمى مضحكه .. ! فكن زى سيء للغاية شعرت ُ بالخجل الشديد وخاصة عند خروجي للزبائن أظن بـ أن وجهي كان شديد الاحمرار لم أراه ولكني أتخيله ..!
ومر اليوم الأول وكان شاقا ً للغاية .. ! وبعد مرور عده أيام طلبوا مني الاستعداد للسفر إلي عمان لتغيير وضعي من زيارة إلي إقامة وبالفعل ذهبت ُ وعدت علي نفس الطائرة فقط ختمت من مطار عمان ودخلت ُ مطار دبي مره أخرى فلم تأخذ الرحلة ذهابا ً وعوده أكثر من ست ساعات
ليتم بعدها انتقالي إلي سكن العمل ..
وبالفعل عند دخولي وجدت ُ غرفه بها خمسة أشخاص وثلاثة سرائر .. كل سرير منهم مكون من طابقين .. كما كنا نشاهد في الأفلام المصرية عنبر المساجين .. !
كانت الغرفة صغيره والعدد كبير .. فكانت الشقه غرفتان وكل غرفه بها ست أشخاص .. وكان بغرفتي أربع أشخاص هنود .. وشخص واحد عربي ومصري .. فكان ذاك الشاب محمد مصطفي شريكي بالسرير فكان هو بالطابق السفلي .. وأنا الطابق العلوي .. !
ذهبت ُ للنوم بعدما أفرغت ُ محتويات حقيبتي ..
وبدأ يوم جديد من العمل .. حيث كنت ُ أذهب في الرابعة عصرا ً وأعود في السادسة من صباح اليوم الجديد .. وأحيانا بعد ذلك خاصة في يومي الخميس والجمعة .. فأيام العطلة يمتلئ المطعم عن أخره .. وتكن كل الطاولات ما بين ممتلئ أو محجوز .. !
مر الأسبوع الأول وكأنه سبعه أشهر .. ليسوا بسبعه أيام فالعمل شاق إلي الغاية خاصة يومي الخميس والجمعة لا نذق طعم الراحة فيهما فلا نستطيع أن نذهب إلي صلاه المغرب والعشاء .. !
وبعد مرور الأسبوع الأول تحدثت ُ مع مديري كي يمنحني يوم عطله فـ أخبرني بأن العطلات معلقه في الوقت الحالي لـ أجل غير مسمي نظرا ً لنقص عدد العمال .. !
وأثناء تواجدي بكافتيريا المطعم تعرفت ُ علي صديق فلسطيني يعمل طاهي حلويات يسمى أنس .. هذا الشاب كثيرا ً ما دمر معنوياتي بعدما اخبرني بـ أن كل من يعمل في هذا المطعم مجبرا ً نظرا ً لظروف بلاده فلن تجد سوى مصري أو سوري أو فلسطيني .. !
فسألته وماذا عن العطل .. هل سيمنحنا بدلات .. ؟
فضحك ساخرا ً مني .. قائلا ًهنا لا يعرفون شيئا ً يسمى بدلات .. !
هنا أصبحت ألصوره أكثر سواد في وجهي .. ولكني كنت أتذكر مقوله أصدقائي طريق ألغربه ليس سهلا ً .. فـ أحاول أن أتماسك ولو قليلا ً .
وفي صباح يوم ما بعدما مر شهر ولم احصل علي يوم واحد عطله .. وجدت ُ درجه حرارتي مرتفعه وجسدي كله في حاله رعشه وأشعر بالبرودة .. هنا دخل أصدقائي لـ إيقاظي فأخبرتهم  باني لن أستطيع الذهاب إلي العمل هذا اليوم معهم .. طلبوا مني أن أتماسك واذهب معهم لان المدير سوف يغضب من غيابي وسوف يخصم هذا اليوم بيومين .. ولكني قلت ُ لهم بصوت متقطع " مش قادر " .. !
هنا ذهب الجميع وتركوني وحيدا ً أتصبب عرقا ً .. لا اعرف طريق لمستشفي وكان الطريق بيني وبين عمتي بعيدا ً للغاية فهي تسكن في عجمان وانأ في دبي .. فقد تجرعت ُ ألان مرارة ألغربه التي حدثني عنها أصدقائي من قبل .. !!
ولكني تذكرت ُ قد منحتني أمي بعض الاقراص المسكنة للآلام .. فـاخذت ُ قرصان وشربت ُ ماء .. وما هي إلا دقائق وبدأت أتحسن بفضل الله .. !
وبعد ذلك بعده أيام قد عادت العطلات من جديد .. وقد أسعد هذا الخبر الجميع فالكل منهك تماما ً .. وبعدما جاء دوري برغم تعبي الشديد واحتياجي الشديد للراحة إلا أني كنت ُ أرى انه يوم وحيد كل أسبوعين فعلي أن استغله جيدا ً .. فــ أخذت ُ أتنزه واشتري كل ما احتاج إليه واشتري بعض الإغراض لـ أصدقائي التي يحتاجون إليها فهم أيضا لا يملكون وقت لشراء إغراضهم الاساسية .. وكنت متشوقا ً للتنزه في دبي فهي مختلفة تماما ً عن عجمان ومن النادر جدا ً أن تجد فيها شخص عربي فـ كنت اشعر بـ أني موجود في دوله أوربيه .. ! وبعد ذلك ذهبت ُ للمنزل كي أغسل ملابسي وأنظف السكن فقد تم الاتفاق بيننا أن يقم بالتنظيف كل منا في يوم عطلته .. وأحيانا كنت أغسل بعد العودة من العمل ولكني كنت أنام فقط خمسه ساعات في ذاك اليوم .. !
 ولكن من فضل الله بعد مرور الشهر الأول بدأ جسدي يـتأقلم شيئا ً فشيئا ً علي الإرهاق .. أشعر بالتعب والإرهاق ولكن أقل كثيرا ً من السابق .. !
وبعد تجاوز الشهر الأول بعدة أيام جاءت الصاعقة الكبرى .. تم نقلي من الفرع المتواجد فيه إلي الفرع الرئيسي .. كانت صدمه كبيره لأنني اعلم جيدا ً من أصدقائي المتواجدون بالفرع الرئيسي كم هو مرهق العمل هناك .. وحجم الفرع الأخر أضعاف أضعاف هذا الفرع ومديره سيء للغاية .. !
هنا ذهبت إلي مديري مباشره وكان يسمي مستر مجدي وهو أردني الجنسية .. ولكنه كان شخص محترم للغاية دائما ً .. فسألته : لقد اخبروني بأنه تم نقلي إلي الفرع الرئيسي فهل أنا أخطأت في شيء .. ؟
فتبسم قائلا ً : لا لا بالعكس ولكن الفرع الآخر به عجز .. وبحاجه إلي عمال عرب.. وسوف يعجبك الوضع هناك كثيرا ً .. !
هنا شعرت ُ بأنه لا جدوى من حديثي معه .. ولكن يجب علي أن ارضي بالأمر الواقع وأتقبل الأمر كما هو .. !!
بدايتي مع فرع الجميرا
برغم كل شيء فقد أحببت ُ الفرع الأول.. أو تأقلمت ُعليه بمعني أدق .. فقد أصبحت ُ علي دراية تامة بكل شيء .. ودراية بالأشخاص وطباعهم .. ومن جيد ومن سيء .. فــ فيه وجدت ُ دائما ً اصحاب ألبشره السوداء يتهربون من العمل وكثيري الشغب والكلام وأصحاب بنيان قوي .. وغالبا ما يكونوا من جنوب إفريقيا أو الكاميرون .. ولكن خارج العمل هم جيدون .. وتعاملت ُ مع السوريين ووجدت ُ الكثير من طباعهم تتشابه مع طباع المصريين .. بغض النظر عن الصوت العال المعروف به المصريين سواء كانوا زبائن أو عمال .. وبصفه خاصة العمال المصريين كان كل منهم يهوى القيادة ويحاول السيطرة علي من حوله .. ويحاول دائما ً أن يبرهن انه قيادي .. ولكن هذا لن يمنع أنهم علي قدر عال من المسئولية فعندما تقع في محنه ثق تماما ً أن اليد التي تمد لك هي يد مصرية .. ! وتعرفت ُعن كثب علي الشعب الباكستاني الذي لم اعرف عنه شيء قبل سفري فوجدتهم شعب مسلم ولا يوجد منهم مسلم لا يحفظ القران برغم عدم درايتهم باللغة العربية ولكن اغلبهم يحفظ الكثير من السور الطويلة وكثير جدا ً منهم يحفظ القران الكريم كاملا ً .. وأسماؤهم تشبه أسماء العرب .. فكان من بين أصدقائي أمجد و وليد و علي .. ولكن برغم حفظهم للقران فإن المستوى الأخلاقي ليس علي المستوى المطلوب .. فحقا ً هم يصلون ويحفظون القران ويصومون .. ولكن اغلبهم يكذب .. بجانب عيب آخر موجود في الباكستانيين والهنود .. ولكني لا أحب ذكره حفاظا ً علي مشاعرهم .. !
ووجدت ُ أن الهنود والباكستانيين متطابقين في الشكل من الصعب عليك ألتفرقه بينهم .. مع اختلاف المعتقدات .. فقديما كانت دولة واحدة .. حتى انفصل المسلمين وكونوا دوله مستقلة " باكستان " كما حدثني احدهم من قبل بتلك القصة .. !
ولكن الهنود إلي الآن ما زالوا يعبدون الأبقار ويسجدون للنار .. ومنهم الملحد الذي لا يعترف بوجود إله ..  !!
أما الفلبيني فهذا الشعب أغلبه نصراني ولكنه يحمل أخلاق الإسلام وليس المسلمين .. فــ للأسف الشديد أخلاق المسلمين ليست من أخلاق الإسلام بشيء إلا من رحم ربي .. ! ولكن هذا ليس موضوعي ألان فهو يحتاج لكتاب كامل يشرح كيف اندثرت أخلاق المسلمين .. !
فقد وجدت ُ أو بمعني أدق اكتشفت ُ في هذا الشعب العجيب  إتقانه للعمل .. والسماحة مع أصدقائه .. لايتسكع في عمل ولا يكذب .. ودائما ً الابتسامة علي وجهه .. ! كريم جدا ً لا يستغل أصدقائه أغلبهم يمشي في الشوارع واضع سماعه هاتفه في آذنه يستمع للأغاني .. فجميعهم يعشقون الأغاني .. وأجمل ما وجدت ُ فيهم نظافتهم الشخصية واهتمامهم بنوعيه الهاتف مهما كانت أحوالهم المادية ضعيفة .. ألا أن الهاتف المميز شيء أساسي عندهم .. ! ودائما ً ما تشم منهم عطور جميله وبرفيوم مميز .. !
ووجدت ُ بعض الشعوب العربية لا تفقه شيئا ً مطلقا ً في الذوق .. وتحديداً بلده كثيرا ً ما كنت ُ أحبها قبل السفر .. ولكني بعدما تعاملت ُ مع أهلها تراجع هذا الحب كثيرا ً .. ! " للأسف الشديد " .. !
برغم أن بها الكثير جيد ولكن الأسوء أكثر .. ووجدت ُ بلادا ً عربيه أجمل ما تخيلت ُ عن شعوبها . وعلي رأسهم مواطنين دوله الإمارات ..
أما الأجانب أي كانت ديانتهم , وأي كانت بلادهم  اسبانيا روسيا .. الخ .. !
فجميعهم يتعاملون معك بمنتهي الرقي والتواضع والتحضر .. وربما يتعامل معك وكأنك فرد من أصدقائه أو عائلته .. خاصة في حفلات الميلاد .. دائما ما يعطي من الكيك العمال .. ويحاول مساعدتنا في إنزال الطعام .. أو رفع الصحون من المائدة .. ! دائما ً حديثهم همسا ً ويختتم كل كلماته معك بالشكر أو الترحيب .. !
بدأت أتذكر كل ذلك في طريقي  أثناء ذهابي إلي الجميرا ,
ولكن ما يهون علي أني اعرف بعض الأصدقاء في الجميرا .. فلن أكن غريبا ً كبدايتي مع الفرع الأول .. ! وها أنا أصل إلي فرع الجميرا . !
أليوم الأول بالجميرا .. !
دخلت ُ المطعم وبالفعل كما توقعت ُ من قبل بعض الأصدقاء هنا .. مما جعلني أشعر بطمأنينة إلي حد ما .. فلم أشعر بالغربة كـ أول مرة .. ولكن ما ابهرني هو حجم المطعم .. فهذا الفرع حجمه أضعاف ألفرع الأول .. فهو أشبه بالمغارة .. وعدد طاولاته كثيرة جدا ً .. !
ولكن برغم ذلك عدد العاملين قليل .. وهذا يترتب عليه جهدا ً مضاعفا ً من العاملين .. ! فـ أصبحت ُ أمام أمر واقع وعلي أن أتقبله كما هو لأنني لن استطيع تغييره .. !
ومر اليوم الأول .. من بعده الأسبوع الأول .. وبدأت أشعر بالإرهاق الشديد .. فساعات العمل طويلة للغاية .. وخاصة يومي الخميس والجمعة يتضاعف الجهد نظرا ً للازدحام الشديد .. وكانت عقوبة الغياب خصم اليوم بيومين .. وأيام العطلات يتم خصم أربعه أيام علي من يتغيب يوم ..!
مهما كانت ظروفك .. فلا أحد يصدقك ولا احد يلتمس لك عذرا ًً .. ! فالكل يتحمل دائما ً ألمه ويذهب مجبرا ً إلي عمله .. !
وبعد الشهر الأول وجدت ُ بعض أصدقائي يبحثون عن عمل أخر .. وبالفعل قد حالف الحظ بعضهم ووجدوا مطعم آخر براتب أكثر وعدد ساعات عمل أقل .. ومعامله أفضل وعطلات أسبوعية .. بدلا ً من العطلات التي نحصل عليها كل أسبوعين يوما ً واحدا ً .. وعليك في هذا اليوم أن تريح جسدك من إرهاق أسبوعين , وتنظف الشقة وتشتري بعض الأغراض لك ولزملائك , وتحلق شعرك , و تتنزه فيه كي تكسر حاجز الروتين الذي يصيبك علي مدار خمسه عشر يوما ً علي التوالي .. !
فلم أكن أرى ذاك العمل سوى استعباد للبشر .. !
ومن هنا كان لابد أن أبدا في البحث عن عمل آخر .. وطريقه أتخلص بها من عقدي مع تلك الادارة السيئة .. ولكن من هم أقدم مني نبهوني في حاله تقديم استقالتي سوف يجبروني أن أدفع لهم بعض الأموال كي يتم إنهاء العقد .. ! وأخبروني بان الأيام مازالت طويلة أمامي وعلي ألان فقط أن أعوض بعض الأموال التي أنفقتها في السفر .. من بعد ذلك علي التفكير في المجازفة التي قد تمنحني عملا ً أفضل .. أو العودة إلي بلدي مره أخرى خاوي اليدين .. !!
ولكني اكتشفت ُ ممن ترك المطعم .. أنهم يجبرون أداره المطعم علي فسخ العقد معهم بـ مضايقتهم والتسكع في العمل أو توبيخ المدير أو معامله إحدى الزبائن بـ أسلوب سيء .. وكان دائما الزبون خط أحمر .. !
فعليك أن تجد طريقه تجعلهم يقومون بالاستغناء عنك .. كي لا تتورط في دفع أموال لهم .. هكذا أخبروني .. !!
فلم يكن علي ألان أن أتحمل وأتمنى لنفسي أن تمر تلك الأيام علي خير حتى أجد ألفرصه المناسبة وأتخذ القرار المناسب ولكن يجب أن أتمهل وأختار الوقت المناسب .. !
ومرت بعض الأشهر الأولي وبدا دخول الصيف والعطلات الصيفية وأصبح ما كنت أخشاه أجده أمام عيني .. المطعم تحولت كل أيامه ليوم الخميس .. ! كل يوم زحام .. وعندما اذهب للنوم لا استطيع من الألم الذي يصيب ظهري .. هنا قد نفذ صبري بعد صمود أكثر من خمسة أشهر وبدأت ُ أفتعل بعض المشاكل أحيانا ً .. وبدأت أتطاول علي مديري الذي لم أكن أنا أو غيري نحبه .. نظرا ً لشخصيته الاستفزازية .. ومحاولاته البائسة لزرع الكراهية والعداوة بين العمال وبعضهم البعض .. كي نصبح أعين له جميعا ً علي بعض .. ! ولكن دائما ما كانت تصاب تلك المحاولات بالفشل .. فالكل كان يعلم تلك أللعبه الحقيرة التي يلعبها ليوقع بيننا .. !
وفي إحدى الأيام قد نفذ صبري تماما ً وقد كان يعمل معي شابا ً ذو بشره سمراء يسمى " فيساو " وهو جنوب أفريقي علي ما أتذكر أو كاميروني .. هذا الشاب كان الأسوأ ممن عرفت من جميع الجنسيات .. فهو كاذب ولا يحب العمل .. و لا يحب النصح .. ! وكانت تكمن كراهيتي لذاك الشاب نظرا ً لبرودته الغير معهودة .. فربما يجد البعض منا مشغول للغاية ويطلب منه المساعدة في أي شيء .. ولكنه دون تفكير أو تردد علي الإطلاق يرفض .. !
وفي ذاك اليوم زاد استفزاز ذاك الشاب معي .. مما دفعني للكمه لكمه قويه في وجهه .. وكنت اعلم بــ أن تلك اللكمة هي نهايتي في العمل .. وبالفعل علي أثرها طلب مني المدير مغادره المطعم .. ومراجعه الإدارة .. وبعد الذهاب إلي الإدارة طلبوا مني الانتظار في السكن إلي أن يتم الاتصال بي وعودتي مره أخرى للعمل .. !
موعد مع الحرية
يومها شعرت ُ بسعادة بالغه لا استطيع وصفها وكأني خرجت ُ من زنزانة قد احتجزت ُ فيها شهور .. وكأني سجين وتم الإفراج عنه .. خرجت ُ يومها أنظر في وجوه الناس ولكن بمنظور مختلف .. ليست كالنظرة السابقة من مجرد "جرسون " إلي زبون وحسب .. ! وكأنني تحررت من عمل الخادم ( كل الاحترام لــ أي مهنه حلال .. ولكني وجدت الناس تتعامل مع تلك المهنة بمنظور الخدم ) لذا كرهتها .. وكرهت ُ نفسي بحجم ما كرهتها أثناء عملي بها .. ! كنت دائما ً أضع الحدود بيني وبين الزبائن بدلا ً من أن يضعوا هما الحدود للمعاملة .. فلم أحاول التقرب من بعض الزبائن كما كان يفعل بعض أصدقائي .. !!
فعل مدار خمسه أو ستة أشهر وأنا احتقر نفسي مرتان حين أنظر في مرآه المصعد .. مره عند ذهابي للعمل .. ومره عند عودتي من العمل .. أنظر بـ احتقار لذاك المخلوق الذي تشبه ملامحه ملامحي .. ولكنه غريب عني .. ! أعلم بـ أن الكثير ربما يستاء مني أو يرى بــ أني بالغت ُ في تلك ألصوره ولكن الحقيقة ما أوصفه أقل كثيرا ً مما رأيت ُ وعانيت ُ .. ومع أول يوم لي في الحرية والخروج من روتين العمل الذي كاد أن يقتلني ذهبت ُ للحلاق وقد أزلت ُ شعري من ثم ذهبت ُ للاستحمام كي أزيل من علي جسدي هموما ً ومعاناة أشهر .. ولكنها كانت بمثابة أعوام .. فالأيام كلما كانت أسوء كلما مرت أبطء .. وكلما كانت أفضل كلما مرت أسرع .. فكل منا له توقيت زمني بداخله يختلف عن الآخرون .. ويتغير نظرا ً لظروفه المحطيه .. !
  وتعمدت ُ حلاقه شعري كي أشعر بالتغيير .. من ثم بدلت ُ ملابسي لــ ارتدي شورت و تي شيرت بدلا ً من الذي الحقير .. وكانت تلك المرة الأولي منذ فتره طويلة التي أنظر إلي مرآه مصعدي وأبتسم فيها ولم أحتقر نفسي .. !!
ذهبت ُ إلي مول كبير يقع بقرب المسكن الذي كنت ُ أعيش فيه يسمى "الخيل مول " أتذكر تفاصيل ذاك اليوم وكأنها أمام عيني الآن اشتريت ُ بعض المعلبات والجبن والعصائر للفطور فلم يتبقي علي المغرب سوى بضع دقائق فقط .. فكان هذا اليوم هو الثالث من رمضان أو الرابع .. !
تناولت ُ سريعا ً فطوري من ثم نزلت ُ قاصدا الحديقة وهي منطقه وسط العمائر بها ملاهي للأطفال وأجهزه جيم للكبار وملاعب كبير لكره القدم أو كره السلة فكنت اقضي معظم وقتي هناك للاستمتاع بمشاهده مثل تلك المباريات خاصة وان بعضها كان غريبا ً فكنت ُ دائما ً أفضل مشاهده الكره الطائرة والعجيب أن الفريقين مختلط ما بين فتيات و أولاد مما يضيف نوع من الكوميديا أحيانا ً .. !
والجميل في ذلك أن كل هذه الألعاب مجانية تماما ً .. وبرغم ذلك يستطيع طفلك أن يستمتع ويلعب .. فهو مجاني ولكنه منظم يستطيع الجميع أن يأخذ حقه في اللعب .. !
ومن هذه الحديقة تعرفت علي بعض الأصدقاء منهم الهنود ومنهم الفلبيني .. أو معني أدق الفلبينيات .. فذات يوم كنت أشاهد بعض الفتيات تلعب فجلست ُ أراقب لعبهم وكانت اللعبة أشبه بالتنس ولكنها كانت أسهل بكثير وأعتقد بها متعه أكثر .. فمن شده إعجابي باللعبة ذهبت ُ إلي تلك الفتيات وطلبت ُ منهم محاولة اللعب مع احداهن .. ضحكت ولم تتردد .. وقالت هيا أمسك بالكره هكذا من ثم أضربها بالمضرب .. ولكن أول ثلاث محاولات كانت فاشلة تماما ً مما دفعني للاعتذار لها والانسحاب .. ولكنها طلبت مني المحاولة مره أخرى .. حتى أصبحت ُ أجيد اللعب وبالفعل استمتعت باللعب معهم لما يقرب من ساعة تقريبا ً .. وبعد ذلك انصرفت لا اعرف عنهم سوى أسمائهم .. وبعد ذلك قابلتهم مره أخرى وبدأت علاقتي تقوى بهم بعدما سألوني عن عملي .. وحاولوا تقديم المساعدة لي من خلال أرقام هواتف بعض الشركات أو وصف بعض المطاعم التي تحتاج إلي موظفين .. ولكن انقطعت ُ عنهم مده بعد ذلك لذهابي إلي عجمان التي تقيم بها عمتي ولكن دائما ً كنت أفضل العيش في دبي فهي مختلفة تماما ً عن أي إمارة أخرى  فكانت نسبه العرب فيها اقل ونسبه النظافة أكبر .. وعدد المولات أكثر .. !
ولكن رمضان كان هناك أصعب نظرا ً للرطوبة العالية ودرجة الحرارة الشديدة .. ولكن ما أعجبني بشدة هو احترام ألدوله لدينهم .. فقد منعت الدولة ارتداء الملابس القصيرة للأجانب قبل موعد الإفطار ( المغرب ) ومن يخالف ذلك يدفع غرامه ثلاثمائة درهم .. ولا يوجد أي استثناء في ذلك أي أنثى مهما يكن بلدها أو دينها أو معتقداتها .. فالكل يخضع للقانون .. وقد منعت الدولة المطاعم بـ أكلمها من بيع أطعمه سوى وجبات مغلفه " تيك واي "  أما غير ذلك فلا يسمح به سوى قبل أذان المغرب بنصف ساعة فقط .. ! نعم تلك حقيقة شاهدتها بعيني .. واشعر بما تشعر به من آسف علي بعض المصريين المسلمين الذين يتباهون بفطورهم ولا يتخفون بما بلاهم الله .. فتجدهم في الشوارع بين أصابعهم سجائر ونحن نعلم أنهم مسلمون .. ولكن نزع الله من قلبهم الحياء .. !
وقد رأيت هذا من أصدقائي الفلبينيين أو غيرهم من الهنود يقومون بــ إطفاء السجائر إذا وجدوني حرصا ً علي مشاعري .. وكنت أطلب منهم أن يدخنوا .. ولكنهم كانوا يشعروا بالإحراج من ذلك .. ويحاولوا مراعاة شعوري .. ولكن للأسف كان لي أصدقاء عرب من سوريا و الأردن لا يصومون .. ! ولكن الكثير منهم وأغلبهم يصومون .. !
وذهبت في إحدى أيام رمضان لتناول وجبه الفطور في إحدى المطاعم وكان يجلس علي الطاولة المجاورة لي بعض الأجانب ويبدو من ملامحهم بأنهم من روسيا .. ولم يتبقي علي موعد الفطور سوى بضع دقائق .. ولكن سيدة من تلك الطاولة وضعت قطعه من الدجاج في فمها .. تعتقد بـ أن الموعد قد حان .. فذهب لها رجل الأمن بابتسامه لطيفه جدا ً واخبرها أن تنتظر خمس دقائق فقط .. لان هذا مخالف للقانون .. لم يمنحها غرامه ولم يتعامل معها بعنف .. فكانت النتيجة أن أخرجت الطعام من فمها وألقت به في منديل لها .. ولكنه طلب منها أن تبتلعه لا مشكله في ذلك .. ولكنها أصرت واعتذرت .. !!! مشهد جعلي جسدي يرتجف من الاحترام المتبادل .. ! وحدثت ُ نفسي قائلا ً واااه مصراه .. !!!!
متى سوف أرى هذا المشهد في بلدي .. فليست بلدي بالقليله كي لا أرى مثل هذا المشهد فيها  .. شعرت ُ بالغيرة وتمنيت ُ أن أرى ذلك في بلدي .. ومازلت ُ أتمني ذلك ..!
فإن لم يفعله شباب جيلي .. فأنا علي الأقل سوف أعلمه لـ أطفالي وأطفال إخوتي البنات .. ! فما وجدت ُ مشكله في مصر إلا وكان السبب الأساسي فيها عدم الاحترام .. إما من شعب أو من حكومة أو من سلطة أو .. أو ...؟؟؟
ولكني سوف أنهى هذه ألنقطه بسؤال أطرحه علي كل قارئ وعلي نفسي معكم .. !
س : كيف سيحترمنا العالم .. ومازلنا لا نحترم بعض   ..؟؟
أترك الإجابة لنفسك .. فلطالما سألت نفسي هذا السؤال .. ودائما ً لم أجد أي رد .. فان كان العالم سوف يحترمنا لان اقتصادنا قوي فلن يقوى اقتصادنا إلي إذا نهضت دولتنا .. ولكن كيف تنهض دوله لا تحترم بعضها .. فالذي يأخذ منصب لقريب له علي حساب شخص كفء فهذا لم يحترم الشخص الذي تعلم أو تدرب ليصبح كفء .. فوجدت ُ أي إجابة تأخذني إلي نقطه الصفر وهي الاحترام .. !
الشخص الذي لا يحترم إشارة المرور ولا يحترم العسكري .. هل من الممكن أن يحترمه العالم .. !! ؟؟؟
قبل سفري إلي الإمارات كنت أرى دائما ً أن الشيء المقدس في مصر هو " المترو " فمن يخطأ يعاقب فورا ً بالغرامة .. وكنت ُ أراه دائما ً نظيفا ً .. ولكن عندما شاهدت ُ مترو دبي وجدت ُ بـ أن المترو المصري ليس سوى قطار عادي ولكنه يسير تحت الأرض .. !
وعن الاحترام الذي أحدثكم عنه .. فقد وجدت ُ في مترو دبي أثناء الذروة وأوقات العمل يزدحم المترو جدا ً.. ولكن لا أحد يتضرر من الازدحام والسبب أن الجميع يصطف خلف بعضه مكونين " طابور " فإذا ملئت العربة ينتظر من عليه الدور القطار الأخر والدخول من جانبي الباب والخروج من منتصف الباب مما يجعل الجميع يصعد وينزل في أوقات الذروة بكل سهولة وأريحية تامة .. ! لم ينظم قانون لذلك .. ولكن نظم ذلك بشر يحبون النظام .. ويطبقونه " ويحترمون بعضهم " .. !!
ولكن برغم ذلك فانا لست ُ متحيزا ً لدوله ضد بلدي فبرغم حبي الشديد لـ الإمارات ولكن حبي لن يكون أبدا ً علي حساب بلدي .. فبرغم كل ما ذكرت ُ ولكني رأيت بـأن الشهامة أن حملت جنسية فلن يكون لها جنسية سوى المصرية .. !!!
فكثيرا ً ما وجدت ُ شبابا ً تقف من اجل جلوس الأكبر سنا ً مهما كان الشخص المسن هندي أو غيره إلا و وجدت ُ من يفعل ذلك مصريا ً .. من أسلوب كلامه وبخفه ظل .. تعالى يا حج أقعد مكاني .. برغم أن الحج ربما هو يهودي وحتما الحج ده لا يفقه شيئا ً في اللغة العربية ولكنه يشكره بـ ابتسامه شديدة قائلا ً له " ثانكيو " .. ! هكذا هي بساطة المصريين وقد رأيت هذا الموقف كثيرا ً .. !
فأنا دائما أرى بـأن المصري صاحب فطرة جميله لوثها إعلام وأفلام وازدحام .. وكل ذلك يمكن تغييره ببعض التوجيهات الصحيحة فقط ليس إلا .. !
ولكي لا أبتعد عن موضوع قصتي الأساسي هناك .. سوف أستكمل القصة لكم ..
بعد مرور أسبوع سعيد في السكن ولم يتصل بي أحد ذهبت ُ إلي وزاره العمل والعمال .. وقمت ُ بتقديم شكوى في أصحاب ذلك المطعم الذي كنت ُ أعمل فيه .. وبالفعل تم تحديد جلسه .. وتم حصولي علي مستحقاتي كاملة ومنحي شهر سماح في البلد قبل المغادرة إلي القاهرة .. بعد أن تم تحميلهم بتذكره عودتي أيضا ً .. بحثت بكل قوة عن عمل ولكني لم أكمل عقدي القديم فترتب علي ذلك حرماني من العمل لمده ستة أشهر ولكي يتم أزاله هذا الحرمان يتم دفع خمسه ألاف درهم أي ما يعادل عشرة ألاف جنيه مصري أو يكون العمل الجديد حكومي .. أو يكون العمل الجديد براتب خمسة ألاف جنيه أو أكثر .. فكانت فرصي في العمل ضئيلة للغاية .. بعدما خلف شخص مصري وعده بعدما وعدني بـ إزالة الحرمان واحتياجه لي للعمل في مطعم يمتلكه .. ! ليخيب ظني فيه .. ويمر الشهر سريعا ً لـ أعود إلي مصر بين يدي كشكول مذكراتي .. وبين راسي أفضل ذكرياتي .. !
وفي الختام أحببت ُ أن أكتب تلك الأبيات القليلة تعبيرا ً عن حبي إلي تلك الدولة العظيمة الإمارات بصفة عامة .. وإمارة دبي بصفة خاصة ..

ولي أيام للذكرى أدونها ..
أشتاق لها .. نعم أحنلها ..
طرقت بداخلي بصمات ..
فلا استطيع محوها ..
ولا الزمان يزيلها ..
وزينت ُ بقصصها دفتري ..
فكيف بحبي لها .. أنكرها ..
فلو سكت لساني عنها ..
فعيني من يخبرها .. !

الكاتب إسلام سامي
دولة الإمارات العربية المتحدة _ دبي
 18/9/2013









  


هناك 8 تعليقات:

  1. جميله جدا وربنا يوفقك للافضل دائما

    ردحذف
  2. ربنا يخليك .. منور دايما بتعليقاتك الجميله ...

    ردحذف
  3. رائع جدا جدا .. كنت مستمتع جدا وانا بقرأ .. واستفدت جدا كمان :)

    ردحذف
    الردود
    1. متشكر جدا ً لذوقك ... كلامك اسعدني جدا ً

      حذف
  4. حلوه اوي واسلوبك جميل جدا لمست مشاعرك اوي نجحت في توصيل احساسك للقاريء اسلوبك في الكتابه جذاب

    ردحذف
  5. حلوه اوي واسلوبك جميل جدا لمست مشاعرك اوي نجحت في توصيل احساسك للقاريء اسلوبك في الكتابه جذاب

    ردحذف